السبت، 18 يونيو 2011

فن الباليه بين الواقع والخيال باليه "كسارة البندق"

فن الباليه بين الواقع والخيال
باليه "كسارة البندق"
نتفق معاً على أن الفنان المبدع يقدم لنا إبداعه من خلال أدواته ففي الفن التشكيلي من خلال الفرشاة والألوان و المادة المخصصة للرسم عليها ، أما في المسرح فخشبة المسرح والموسيقي والإضاءة وأداء الممثلين والعناصر المكونة للعرض المسرحي و السينوغرافيا ، و نجدها في السينما "الفن السابع" عناصر عدة فالفن السابع يجمع الفنون الست التي سبقته و عناصر الفن السينمائي مثل التصوير والموسيقي والأداء التمثيلي والديكور والمونتاج و عناصر عدة لا يتسع المجال لذكرها هنا و كلها تجتمع تحت إسم واحد (إخراج) فالفن السينمائي يقدم من خلال عمل المخرج . أما فن الباليه فتعدد عناصره يشبه إلي حد كبير الفن السينمائي و كما أن السينما خيال فالباليه هو الخيال ذاته و يكفي أن نتذكر باليه "كسارة البندق" أو "جيزيل" أو "بحيرة البجع" حتي نسرح في الخيال و نبتعد عن الأرض بكافة متاعبها و نهيم في ملكوت السماوات مع أحلامنا و أمانينا ، ففنان الباليه يصمم لنا حركات راقصة تعبر عن روح القصة الخيالية التي يرغب فى توصيلها ، فهناك صلة بين الخيال و فن الباليه . فالأسطورة في تعريفها البسيط هي محاولة لفهم الكون بظواهره المتعددة و لكي نفهم هذه العلاقة بين الواقع والخيال في فن الباليه علينا أن نعرض لنماذج من الباليهات التي جمعت بين ما هو واقعي و نستطيع أن نخضعه لعالم المنطق و العقل وبين ما هو خيالي لا يمكن إخضاعه لمنطق العقل و من هذه الباليهات باليه "كسارة البندق" .
باليه "كسارة البندق" يمثل نموذج الباليه التي تدور أحداثه بين الواقع و الخيال .
القصة              عن قصة ل"ايه تي أيه .هوفمان" .
موسيقي            بيتور اليتس – تشايكوفسكي  .
مصمم الرقصات    ليف إيفانوف  و  بيتر رايت .
تصميم             جوليا تريفليان اومان .
الراقصون          ليزلي كولير     جنية الحلوي
                     أنطوني دويل     الأمير
                   جولي روز       كلارا
                  جاي نبليت       كسارة البندق
تبدأ الأحداث في منزل "دروسلماير" الساحر صانع اللعب الذي يجهز هدايا حفل الكريسماس تدور أحداث الباليه في بيت والد كلارا الذي يحتفل هو وضيوفه بأعياد الميلاد فنراه يقف هو و زوجته يستقبل الضيوف ، يدور الرقص و يحضر "دروسلماير" أربعة لعب تتحرك بالزمبرك فيقدمها هدايا للصغار ، ويختص "كلارا" إبنة صاحب القصر بلعبة "كسارة البندق" التي يريدها أخوها "فرانز" فينتزعها من يدها ويلقيها علي الأريكة بعد ذهاب الضيوف للنوم تقوم "كلارا" من سريرها وتنزل إلي الردهة حيث تركت لعبتها ، فتنتقل بنا القصة من عالم الواقع إلي عالم الخيال ، حيث تجد "كلارا" الحياة قد دبت في اللعب فنري الدمي و العساكر تتحرك و تتصارع ، و تشن حرباً ضد ملك الفئران و جنوده المعتدين ، نري "كسارة البندق" تقود الفريق المعادي للفئران ، فتساعد "كلارا" "كسارة البندق" فى حربه ضد الفئران ، بعد النصر يدعوها "كسارة البندق" بعدما تحول إلي فتي وسيم للذهاب معه إلي مملكة الحلوي ، و من هنا يتواصل الجزء الخيالي حيث نشاهد الحبيبين الصغيرين و هما يمران خلال عاصفة ثلجية فى طريقهما إلي "مملكةالحلوي" حيث تستقبلهما "حوريةالحلوي" و تابعاتها و يقمن حفلاً مخصوصاً تكريماً لهما و من خلال هذا الحفل يستعرض المخرج رقصات الشعوب من خلال الحلوي المحببة للأطفال ، فنري "الشيكولاته" التي تمثل "الرقصة الأسبانية" و "البن" وهي تمثل الرقصات العربية وهكذا تتابع الرقصات تقدم لنا البلاد ، ثم تدق أجراس الساعة معلنة عن صبح جديد ، فيختفي "الأمير" وتحاول "كلارا" جاهدة البحث عنه ، وتجد أمامها "دروسلماير" ويتحول الجميع إلي عرائس مرة أخري وتدرك "كلارا" أن ما شاهدته كان مجرد حلم جميل وانتهي "والحلم هو خيال وليس واقع" .
هذا كان الموضوع ، و الأن إسمحوا لنا أن نتناول الباليه مشهد مشهد و نحلل عناصره كلها .
المنظر الأول
المكان ووصف المشهد :
منزل " دروسلماير " حيث يقوم بتحضير العرائس والدمي كهدايا مع خادمه ومساعده وينظر بأسي إلي صورة شاب ما معلقة علي الجدار -أظنه إبنه-.
الديكور :
الغرفة ببساطتها تدل علي أن " دروسلماير " شخص منظم يحب عمله ويهتم به حيث لا توجد في تلك الغرفة سوي الساعات والدمي ومنضدة ليعمل عليها وكرسي ليجلس عليه لمتابعة عمله وفي الخلفية صورة لإبنه ينظر لها بسرعة نظرة حب شديد حيث إنه علي الرغم من حبه الشديد لأبنه والواضح من نظرته لصورته إلا أن عمله أهم ما في حياته وهو شخص كلاسيكي محترم يبدو أنه يفتقد أبنه .
الملابس :
تعبر عن شخصية السيد وهو "دروسلماير" وكذلك تعبر عن شخصية كلا من الخادم والمساعد وفخامة ملابس السيد تدل علي ثراءه وأناقتها تدل على كلاً من "الخادم" و "المساعد" و فخامة ملابس السيد تدل علي ثراءه وأناقتها تدل علي ذوق عالي وملابس كلاً من "الخادم" و "المساعد" تدل علي إهتمام السيد بإعطائهما المال ليبدوان في حال تناسب حال سيدهم من حيث الأناقة فحال الخادم من حال السيد ومظهره من مظهره .
الإضاءة :
واضحة تماما أنها من مصدر إضاءة محدد وهو الشمعة وهي تنير المكان كله وعند خروج "دروسلماير" من الغرفة يقوم بإطفاء الشمعة بنفخة من فمه فيعتم المسرح كله .
الموسيقي :
تعبر بشكل قوي عن السرعة في الحركة وهي تجعل المتفرج في حالة ترقب لما سوف يحدث فلسان حاله يقول "هاه وبعدين" .
الحركة:
 بسيطة ليس بها أداء مفتعل وهي توصل المعني المراد إيصاله ببساطة دون إفتعال .
المنظر الثاني
المكان ووصف المشهد :
خارج قصر والد "كلارا" حيث تقوم خادمة بدفع سيدات علي كراسي بعجل ومعهم أطفالهم للذهاب لحضور حفل ونجد في ذلك المشهد استكمال للمشهد الأول حيث يقوم رسول "دروسلماير" بتسليم دمية إلي خادمة القصر .
الإضاءة :
عامة جداً حيث لا يوجد أي مصدر إضاءة محدد غير تلك الإضاءة الخارجة من القصر . حيث أنه في تلك الفترة لم تكن قد إنتشرت إضاءة الشوارع بعد بشكل كبير . وذلك لأنه يبدو أن القصر في منطقة جبلية عالية ولم نر أية إضاءة إلا تلك المنبعثة من بوابة القصر .
الملابس:
تدل علي ثراء سيدات المجتمع ، كما تدل أيضا علي بساطة ملابس الخدم وإن كانت توضح لنا شئ هام وهو برودة الجو والذي سنوضحه في النقطة التالية وهي "الديكور" .
الديكور والإكسسوارات :
عبارة عن رسم لمنطقة جبال جليدية تحيط بالقصر ويبدو بوضوح الممر المؤدي إلي القصر والذي يظهر فيه الضيوف والخادمة التي تستقبلهم .
الموسيقي :
الموسيقي لا زالت تمهد للعرض ككل فهي تقدم حركة الموجودين بالمشهد وتعبر عن حال رسول "دروسلماير" والذي يعود بإكرامية قليلة من الخادمة حيث كان يتمني الحصول علي مبلغ كبير .
الحركة :
بسيطة ليس بها أداء قوي ولكنها معبرة .
المنظر الثالث
يبدأ في هذا المنظر الخيال "الجنية الخفية"
المكان ووصف المشهد :
منزل والد "كلارا"
يحضر المهنئون بأعياد الكريسماس يسلمون الهدايا للأب وتدخل الخادمة للقصر هدية "دروسلماير" تسلمها لأم "كلارا" - ونحن لا نعرف ما هي وسيتضح لنا فيما بعد أنها "كسارة البندق" أو حسبما رأيت من وجهة نظري الشخصية إبن "دروسلماير" المسحور- ومع الهدية خطاب من "دروسلماير" . والتي تعطيهم الأم ل" كلارا " التي تتسلم الهدية وتفرح بها و تدور في حركات تعبر عن السعادة تعرض هديتها علي الضيوف وهي سعيدة جدا بها وتضعها "كلارا" بأعلى مكان علي شجرة العيد ويبدو أخو " كلارا" غير سعيد حيث يتمني حصوله علي هدية أخته وفي جزء هام في موضوعنا وهو الواقع والخيال في باليه "كسارة البندق" تظهر جنية أعلى السلالم . تجذب "كلارا" أمها لتريها الجنية فلا تجد الجنية "لقد إختفت الجنية" ، يقوم الأب بتوزيع هدايا عيد الميلاد ويرقص الكبار ثم يبدأ الأطفال في الرقص ثم يدخل أشخاص متنكرين في ملابس الساحر والوحوش . يكون دخول "دروسلماير" مع إطفاء إضاءة المسرح و دخوله بطريقة تجعل كل الموجودين يهتمون به فهو "نجم الحفل" . و تدل طريقة شرب النخب بين الأب و "دروسلماير" علي صداقة قديمة ومعزة خاصة . "الأخ" يريد دمية "كلارا" وتبدو عدوانيته حيث يحاول خطف وجذب بندقية عسكري الرقصة الثانية . دخول الخادمة بالتورتة ويقوم الأب بتوزيع هدايا عيد الميلاد ، أخو "كلارا" يريد تحطيم لعبتها وهنا يحاول جذب إنتباه "دروسلماير" أثناء قيامه بشرح دمية "كسارة البندق" ل "كلارا" ، يعطيه "دروسلماير" شيئا ما يحاول وضعه في فمه فيؤذيه ويظل يمسك بخده فترة في حين يتفرغ "دروسلماير" للشرح والتوضيح ل "كلارا" . يحاول أخو "كلارا" خطف دميتها منها ولا يستطيع فيبكي ، وأخيراً ينجح في خطفها وكسرها ولكن "دروسلماير" ينجح في إصلاحها سريعا فتقبله -فأشعر أنه في حالة حزن وشعوري الداخلي ينبئني بأن هذا مرتبط بصورة إبنه التي كانت معلقة علي جدار غرفته في المنظر الأول فلم تشرح لنا الأحداث أين هو؟ و أظن أنه مفقود أو كما فى الخيال "مسحور"- ونري الجد يقف من علي كرسيه المتحرك ليرقص بصعوبة وهو فرحان . بعد إنتهاء الحفل وتوديع الموجودين مع إنزال الشموع من علي "شجرة الكريسماس" يبدأ المسرح في الإظلام مع خروج أخر خادم بالشموع ، "دروسلماير" يظل في منزل والد "كلارا" وهو في حالة حزن ويقوم بسحره الجميل بجعل الوقت يتقدم بسرعة للأمام ، و بإشارات من يده ينير المنزل كله . "كلارا" تنزل مسرعة لتأخذ دميتها "كسارة البندق" وتجد "دروسلماير" أمام ساعة المنزل وبيده ساعة ويقوم بإنامة "كلارا" مغناطيسيا . فتجد نفسها إنتقلت إلي عالم خيالي به مجموعة من الفئران وهي في حالة رعب و "دروسلماير" خلفها – يذكرني بالكونت دراكولا - يشير لها بيده لتعيد "كسارة البندق" إلي مضجعها .
منظر جديد دون غلق الستار من خلال حركة ميكانيكية من علي خشبة المسرح :
يتحول المسرح كله كما لو كان لعبة في يد "دروسلماير" ، فبحركة بسيطة من يده تتحرك السلالم لتختفي في جانبي المسرح وتصعد شجرة الكريسماس إلي أعلي المسرح و تدخل "بانوهات" عليها ديكورات جديدة وتتحرك أرضية المسرح بشكل أكثر من رائع تشعرك بالإثارة الحالية وتعدك لإثارة أكبر قادمة . الورق المفضض يتساقط من أعلي شجرة الكريسماس مع خروج الفئران إلي المسرح من فتحة فى أرضية خشبة المسرح نجد "كسارة البندق" كشخص حقيقي يستيقظ من مضجعه علي صوت طلقة رصاص من بندقية جندي ، يقوم كسارة البندق بإخراج جنوده تمهيدا لبدء معركة مع الفئران تدور رحاها حيث يقع مصابين من كلا الجانبان ويخرج ملك الفئران . الشجرة تخرج من أرضية المسرح و عند تمام وقوفها يخرج منها أشخاص يخطفون "كلارا" علي عربة . ثم يخرج "ملك الفئران" . وتقوم معركة بين "كسارة البندق" و "ملك الفئران" ، تضرب " كلارا" ملك الفئران علي رأسه ويقع "كسارة البندق" مصاباً من الإجهاد . نرى بساط يتم إسقاطه من سقف المسرح مع وجود دخان كثيف يخرج منه . تتجه "كلارا" إلي "كسارة البندق" في حركات رائعة وترفع إحدي ساقيها فى حركة راقصة بارعة ونري الدخان المعبر عن الخيال يملأ أجواء المسرح ، تتحرك "كلارا" في خطوات رقيقة وتضم إليها "كسارة البندق" التي أصبحت في حالة عشق معه يسقط علي كلا منهما "زووم لايت" مع وجود ستارة في الخلفية ليس بها أي شئ ليسمح بالتركيز الكامل علي الراقصان وحركاتهما حتى لا يلفت نظرنا شئ غيرهما ورقصهم يعبر عن حالة الحب . يخرج "دروسلماير" من أسفل المسرح علي عربة ليتم إستغلال كل إمكانيات المسرح الإنتاجية والتكنيكية والإخراجية في التعبير عما نريد إيصاله للمتلقي . و يركب العاشقان العربة بمباركة "دروسلماير" وتختفي ستارة الخلفية في فتحة وسط خشبة المسرح - هذا المسرح به إمكانيات رائعة تسمح للمبدع بعمل كل ما يريده أو كما أتخيل خشبة المسرح تقول للمخرج "أحلامك أوامر"- .
نري دخول أربع راقصات علي شكل "ملكات الحلوى" يتحركن بحركة ميكانيكية ، ثم تدخل راقصات ذوات زي أبيض يرقصن علي المسرح ، يتساقط الثلج مع دخول عربة "كلارا" و"كسارة البندق" مع الملائكة إلي المسرح و "دروسلماير" ثم "ملكات الحلوى" وقد زاد عددهم . يستكمل العاشقان الشابان رحلتهما إلي مملكة الحلوى ليقابلا "جنية الحلوى" و "وصيفاتها" ، ثم ظهور نبلاء بملابس بيضاء ، و يظهر "دروسلماير" وخلفه ستارة مرسوم عليها بهو قصر ، ونري النبلاء يقفون لترتفع الستارة "البريمو" و "السيكوندو" ليظهر قصر الحلوى علي المسرح . "ملك" و "ملكة الحلوي" يدعوان العاشقان لمشاهدة إستعراضات ممتعة من دول مختلفة فنري الرقصات "الصينية" "العربية" "الروسية" و "الأسبانية" ثم يظهر "دروسلماير" الذي يودع العاشقان ويتركهما يأخذا عربتهم للعودة إلي قصر والد "كلارا" .
منظر منطقة الجبال الجليدية :
المدعوين ينصرفون السيد "دروسلماير" يخرج ويعود إلي منزله ليجد إبنه "كسارة البندق" قد عاد فيحتضنه وينزل الستار معلنا انتهاء العرض .

الإضاءة :
-     توضح لنا أنه حفل لنري أن مصدر الإضاءة هو الشمع المضاء . و عند دخول "دروسلماير" تنطفئ معظم إضاءة المسرح وبعد دخوله نجد الإضاءة تظهر أهميته حيث أن معظم إضاءة المسرح مطفأة والتركيز علي "دروسلماير" يحدث إظلام تام للمسرح مع خروج أخر خادم يحمل شمع .
-     "الزووم لايت" علي العاشقان لإظهارهما للتركيز عليهما ، الإظلام التام للمسرح مع دخول "الرقصة العربية" و"الزووم لايت" يركز علي أحد الراقصين مع ملاحظة أن تخفيف الإضاءة جعل الديكور يبدو كقصر أحد الأمراء العرب في عهد "هارون الرشيد" ، ثم يحدث إظلام تام للمسرح أثناء إنتهاء الرقصة الأخيرة بحيث يظهر كل ديكورات المسرح "سيلويت" مع تركيز ال"زووم لايت" علي "كلارا" و"كسارة البندق" .
الملابس :
ملابس الدمى الضخمة و الماكياج و كل ما بالمشهد يدل علي أعياد الكريسماس و ملابس الضيوف تدل علي ثرائهم و علي بهجة الحفل . الملابس في مملكة الحلوى كلها توحي بجو من المرح والمتعة والجمال والشياكة والنظافة .
الديكور والإكسسوارات :
إكسسوارات أعياد الميلاد كانت توضح لنا المنظر دون حاجة لشرح مثل الشجرة والتورتة والهدايا ، تحول المسرح كله ببساطة إلي مناظر أخري عدة مرات دون الاضطرار إلي إنزال الستار فبإشارة من يد "دروسلماير" تتحرك السلالم لتختفي علي جانبي المسرح و تصعد شجرة الكريسماس إلى أعلي المسرح و تدخل بانوهات عليها ديكورات جديدة وتتحرك أرضية المسرح بشكل أكثر من رائع . إختفاء ستارة الخلفية في فتحة وسط خشبة المسرح . والمسرح به إمكانيات رائعة تسمح للمبدع بعمل كل ما يريده . ديكورات مملكة الحلوى تعطي إحساس بالنظافة الشديدة .

الموسيقي :
الموسيقي في البداية بها نوع من أنواع التشويق لما سيحدث فيما بعد وتتحول إلي موسيقي راقصة عند الحاجة لذلك . موسيقي رقص الدمى تعبر عن رقة أو عنف الرقصة . الموسيقي وقت المعركة تعبر عن حدوث صراع ومعركة دائرة .
الحركة:
الراقصان في زى "البلياتشو" وقوفهما علي أطراف أصابعهم . ثم رقصة العسكري وفتاته حركته بالبندقية تنم عن حركة عسكرية . رقصة الجد وحركاته المفرحة . ملكات الحلوى يرقصن بشكل ميكانيكي ومن أشد ما أعجبني في "الحركة" هو عند رقصة ("ملك" و "ملكة" مملكة الحلوي) نري الملك يجذب قطعة قماش تقف عليها الملكة وهي تقف علي أطراف أصابعها وكلنا نعلم مدي صعوبة تلك الحركة ، كل تلك العناصر جعلتنا نري الأمر بين الواقع والخيال فهل كان هذا حلم رأته "كلارا" حقق أمل " دروسلماير" في عودة إبنه أم إن الأمر كان خوف "كلارا" من فقد "لعبتها" وبالتالي ظهر في الحلم الفئران ونحن نعلم كم يخشى معظم الناس الفئران و كذلك حب الأطفال الشديد لمملكة الحلوى الأمر بين الواقع والخيال وليراه كلا منا كما يشاء . واقع كان أم خيال . أم بين بين . أو كما قال فناننا الراحل " يوسف بك وهبي " : (وما الدنيا إلا مسرح كبير) .
فن الباليه و رؤيتي الخاصة والتي تكونت من خلال تعرفي على ذلك الفن مرة في أوائل السبعينات من القرن الماضي .
 ثم في نهاية الثمانينات ثم إستمر إهتمامي به حتي اليوم وإن كنت أنظر له نظرة غير المتخصص برغم دراساتى السينمائية . ففن الباليه ليس باليسير دراسته . ففن الباليه يجب دراسته منذ الصغر حيث يبدء تكوين العظام والجسد عند الإنسان و لا بد من دراسة الموسيقي و الرقص و المسرح حيث إنهم المكونات الأساسية لعروض الباليه وعلي الفنان المهتم بدراسة هذا الفن أن يعلم إنه سوف يخصص وقته و جهده و ماله لتلك الدراسة و لنضرب أبسط الأمثلة و ربما تكون أضعفها في رأي البعض هل تعلمون حضراتكم كم يتكلف سعر حذاء الباليه ؟!
و لنعلم أن هناك ورشة واحدة فقط في مصر لصناعة تلك الأحذية فما بالنا إننا حين نتحدث عن كتب الباليه فإننا نعلم مدى قلة الكتب باللغة العربية في هذا الفن فعلينا أن نعلم كم يتكلف الشخص من جهد و مال و وقت لدراسة لغة أجنبية كالروسية أو الفرنسية أو الإيطالية لكي يقرأ كتاب عن فن الباليه .
و يمكننا أن نرى فيلم white nights "الليالي البيضاء" لنتعرف علي فنان الباليه الروسي الأصل الأمريكى الجنسية "ميخائيل بريشينخوف" راقص الباليه الروسي حيث يقدم لنا مقارنة بين فن الباليه والرقص الإيقاعي و يقدم لنا أعمق رؤية لمفهوم الحرية فها هو فنان الباليه الروسي يهرب إلي أمريكا بحثا عن الحرية بينما يهرب الراقص الإيقاعي الأمريكي من أمريكا لروسيا هربا من التمييز العنصري ليبحث كلا منهما عن حريته في بلد الأخر فهل يجدها ؟.
وكذلك فنرى الجوانب الإخراجية التي تؤثر علي توصيل المعلومة للمتلقي من علي خشبة المسرح من خلال الإضاءة و الحركات و مكان التواجد علي المسرح والموسيقي والمؤثرات الصوتية وكل هذا يعطينا معلومات عن صعوبة ذلك الفن وكيف أن المتميزين فيه متميزون حقا لندرتهم .
أما بالنسبة للمزج بين الواقع و الخيال فهو أمر شغلني طوال حياتي فإسمح لي أن احدثكم عن إحساسي الشخصي الخاص جداً لرؤيتي للأمر بين الواقع والخيال ولنبدأ معا من إسم مسرحية وليم شكسبير الشهيرة "حلم منتصف ليلة صيف" ودعونا معا نتخيل الأتي :
منتصف ليلة صيف شخص ما بين اليقظة والمنام تهب عليه نسمات باردة رقيقة تداعب حبات العرق الساخنة الهابطة علي وجهه ورقبته وهو يحلم بحبيبته وهما يسيران علي ضفة النهر و الفراشات تحيط بهما ويسمع صوتها تهمس بإسمه من بعيد في حين أنها تمسك بيده في حلمه و لأنه بين الواقع والخيال يستيقظ علي يد زوجته تهزه ليحضر لها شيئاً ما من الخارج هنا نشعر بإمتزاج الواقع بالخيال .
والأمثلة التي تثير مخيلتي كثيرة ومتعددة ترتبط وتربط بين العالم المادي الملموس وعالم خيالي لا نلمسه مثل أساطير الجنيات وعرائس البحر والحوريات والعمالقة ولعلنا رأينا ذلك في أفلام عديدة وكثيرة والمزج بين الواقع والخيال في فن الباليه له أهمية في رؤيتي الشخصية لأن ذلك الفن قائم علي إستخدام راقصي الباليه لأقصي إمكانياته الجسدية مما يجعلهم يشعرون كأنهم طيور تحلق في السماء فهو حلم لكل الناس أن يجعل جسده يطيع مخيلته وبالأخص أن أجساد معظم الناس صلبة بطبيعتها ولكن جسد راقصي الباليه برغم من قوته الخارقة إلا أنه رشيق متناسق . لذلك فالمزج بين الواقع والخيال يتيح لكلاً من الراقص والمشاهد الإستمتاع المتبادل فالراقص يظهر إمكانياته بينما يتخيل المتفرج نفسه مكان الراقص فيستمتع بذلك الأمر ولو لبضع ساعات .
في النهاية أرجو أن تكون رؤيتي مناسبة وشرحي يعبر عن رؤيتي الخاصة جداً لذلك الموضوع .
تحياتى و إلى لقاء قريب فى عرض نقدى لفيلم سينمائى
محمد أحمد خضر
+20122 312 8543

الأربعاء، 1 يونيو 2011

عطور وسط البلد


عطور وسط البلد



بعد أن تم صرفه من عمله الأول و الذى قضى فيه عمره كله منذ أن تخرج من دراسته ، إجتمعت عليه عدة أسباب كانت كفيلة بتدميره تماماً ، إلا أنه كان يملك من قوة الشخصية ما لا يسمح لشيئاً بأن يحطمه ، برغم أن موضوعاً واحداً مما تعرض له كان كفيلاً بأن يحطم أشد الرجال ، و لكن هكذا هو ، لقد كان سعيداً جداً بعمله يحبه و يتفانى فيه ، لكنها الحياة لا تبق شيئاً على حاله ، لكن دعونا لا نستبق الأحداث و نبدأ بالتعرف معاً عليه قبل أن نتعرف على قصته .
تخرج "شوقى" من دراسته عام 1990 و عمل فى نفس مجال تخصصه بقناة فضائية عربية شهيرة كانت تسود المجال فى ذلك الوقت ، فلم يكن هناك من ينافسها ، كانت السماوات المفتوحة لها فقط و قناة أخرى و بدأ نجمه يلمع كأحد أفضل العاملين فى هذه القناة ، بل إنه لا يزال يحتفظ بعدة إشادات من مدراءه ، و فى إحدى المرات رأها كانت جميلة مثل الكثيرات حوله و اللاتى يساعدهن دون أن يقترب بشدة ، إلا لو إقتربت إحداهن فإنه يقترب و لكن بحذر ، و قد إقتربت هى ، من خلال زميلة يعتبرها أخت له يساعدها دوماً ، و ما بين يوم و ليلة تزوجا ، فكانت شغله الشاغل يريد أن يحضر لها كل شئ حتى كان يوم أخرجت أسوأ ما فيها و طلبت الإنفصال دونما سبب واضح ، و حاول هو و أهله ، لكنها رفضت و كانت تعند لمجرد العند بل لقد نجحت فى أن تحول أهله ضده و كذلك أهلها بإدعاءات غير حقيقية ، كانت تعند و تستمع إلى أمها و قد تعاونت معها الكثيرات ممن يتمتعن بخراب البيوت العامرة ، فكان لها ما أرادت و تم الطلاق و لم تتركه فى حاله بل ذهبت بعد بضعة أشهر من وقوع الطلاق إلى مقر عمله و التى كانت تعمل به حسب الإحتياج لها ، فى حين كان هو موظف ، و نشرت فى كل مكان إنه ضربها ، و لم يدافع عنه أحد فصدقها الكثيرين ، فمن يمكن أن ينكر كلام تلك الجميلة الرقيقة شبيهة الأطفال فى كلامها و تصرفاتها و شكلها و يدافع عن ذلك القوى الذى يكره الجميع قوة شخصيته و ثقته بنفسه و إعتزازه بشخصه ، و عادت لتقول إنه سرقها و لم يعطيها حقها و لما لم تجد لذلك صدى كبير لإنه معروف بالنزاهة عادت و قالت إنه جمع لها ملابسها فى أكياس القمامة و إستمرت فى تشويه صورته فإضطر للحديث بعد أن ظل صامتاً طوال الفترة السابقة حتى إنه لم يخبر أحد بوقوع الطلاق قبل حضورها ، و قام بإعلام من تشتكى لهم إنها لم تتكلف أية مصروفات فى الزواج و أنه قد أحضر كل شئ و أن حفل الزفاف الذى تم فى أرقى قاعات المدينة و الذى حضره الزملاء تكفل به أهله ، و لم يكن هذا كفيل بالدفاع عنه ، بل أخرج ما فى النفوس من غل و جعل إحداهن و التى كانت تركب معه سيارته ليقوم بإيصالها فى طريقه تتفق مع طليقته و تدرج إسمه فى كشوف من سيتم صرفهم من القناة برغم إنه كان معه عدة أعمال فى تلك الفترة و كان ذلك فى "شهر رمضان" و الذى يعتبر فترة رواج لعمله و تم صرفه من القناة فى نفس الفترة من العام التالى التى أشعلت طليقته فيه الخلافات معه فكانت تلك هى الضربة الثانية له ، و عمل بعد ذلك فى عدة قنوات بأجر أكثر مما كان يتقاضاه من عمله السابق ، و لكنه لم يستطع الإستمرار فى أي من تلك الأماكن التى عمل بها و ذلك لأسباب متعددة فوجد نفسه رهين المحبسين "المنزل و غرفته" فهو لا يغادر غرفته و لا يرغب فى الحديث مع أحد ، و لكن كان عليه أن يبحث عن مصدر أخر لرزقه غير عمله الذى إعتاد عليه و الذى قضى فيه أكثر من خمسة عشر عاماً و كان أمر تغيير العمل شيئاً صعب ، فقد أحب عمله بشكل كبير و أى عمل أخر لن يكون بنفس المتعة التى كانت فى عمله السابق .

و فى أحد الأيام وجد "زجاجة عطره" قد قاربت على النفاذ و هو لا يستطيع شراء مثل تلك الزجاجة فثمنها لم يعد فى متناول يده ، و هنا تذكر ما قاله له أحد مساعديه من أمر "تركيب العطور" و إسترجع ذكريات العطور فقد كان يشترى عطوره من "باريس" حين يذهب إليها فى الصيف و كان يتحدث مع جميلات المجتمع و فناناته عن العطور و مراكز الشراء ما من "باريس" و "أمستردام" و "روما" و إستعاد كلام مساعده عن وجود مكان فى "وسط البلد" يقوم بتركيب العطور باسعار بسيطة و هى لا تختلف عن الأصلى فى شئ اللهم إلا الزجاجة و يستطيع إذا أراد أن يقوم بشراء الزجاجة الأصلية و لكنها ستكلفه زيادة عن السعر جنيهات بسيطة ، و هنا قال لنفسه هو لا يحتاج إلا إلى العطر و قرر النزول إلى تلك المنطقة "منطقة عطور وسط البلد" ، و بدأ فى الإستعداد للنزول فى الصباح الباكر من اليوم التالى و فعلاً أعد ملابسه و نام و قد قرر خوض المغامرة بالغد و ليكن ما يكون ، فالأمر بالنسبة له مغامرة فبعد أن كان يشترى من "باريس" و " أمستردام" سيذهب ليقف فى منطقة بسيطة فى "وسط البلد" ليشترى عطره المفضل .
إستيقظ "شوقى" فى الصباح الباكر و أعد لنفسه كوب الشاى و بعد الإستحمام و حلاقة ذقنه نزل و أخذ يسير بهدوء بسيارته فلا شئ يجعله يقود بسرعة كما كان يفعل وقت العمل ليلحق بهذا الموعد أو ذاك ، ووصل إلى "وسط البلد" و ركن السيارة و بدأ يستعيد وصف الطريق الذى تم وصفه له سابقاً .
و هنا سنترك "شوقى" يقص علينا قصته فهى تحمل الكثير ، ما بين تغيرات المجتمع ، فقد كان فى مجتمع المستوى الراقى ، و ها هو يتحول إلى البسطاء الذى أصبح أحدهم ، و كذلك سيرى نفوس و قصص لم يتخيل أن يراها أو يسمع عنها و أماكن لم يتصور أن يدخلها و "بشر" و أه من تلك الكلمة "بشر" لم يقرأ عنهم غير فى القصص و لم يتخيل أن يراهم غير فى الأفلام ، و الأن أترككم مع "شوقى" .
- بدأت أحدث نفسى بعد أن ركنت السيارة فى "جراج الأوبرا" أنا رايح فين ؟ معقولة أنا نازل أجيب "إزازة ريحة تركيب" هههههههههه أيوه بقت ريحة أمال بالمكان اللى انت رايحه ده حتقول "بارفان" و "جان بول جالتييه" و "كلويه نرسيس" إعقل يا مجنون و إرجع تانى على "مصر الجديدة" أحسن الناس تقول عليك "مجنون" ، و هنا وجدت نفسى أبتسم فقالت لى السيدة العجوز التى تقف بجوارى فى إنتظار توقف السيارات و عبور الطريق :
- فيه حاجة يا أخويا .
- لا ياستى ما فيش حاجة ،  بتسألى ليه يا ستى ؟
- لا يا أخويا ، أصلى شفتك بتبتسم ، قلت يمكن فيه حاجة ، أصل ما فيش حد دلوقت فى زمنا ده بقى يبتسم  غير لا مؤاخذة المجانين .
و تركتنى واقف مذهول فقد تحولت إلى "مجنون" بسبب إبتسامتى ، و هنا عادت بى الذاكرة إلى "باريس" حينما كنت أجلس فى "ريسبشن الفندق" الذى أقيم به أقوم بحساب مصروفاتى ، فحضرت المديرة الجميلة تسألنى هل هناك ما يضايقنى لأنها وجدتنى لا أبتسم على غير عادتى فقد تعودت على إبتسامتى ، و هنا قلت لنفسى "فارق كبير بين هنا و باريس" ، و كنت أستعد لعبور الطريق حين أتى ميكروباص سريع صدمنى مما أدى لوقوعى على الأرض و وقوع نظارتى الغالية و التى ظننتها قد تدمرت تماماً و قد كانت أخر ما أمتلكه من "ذكريات باريس"  ، و هنا وجدت كل من حولى يسير فى طريقه دون الإلتفات إلى ما حدث لى و كأنه امر طبيعى و لم أجد أحد يسألنى عن حالى أو يهتم بما أصابنى ، غير رجل أسمر كبير أمسك بيدى لإيقافى على قدمى و يده ترتعش و يقولى :
- مش تاخد بالك يا أبنى و إنت بتعدى الطريق ، كنت حتروح "فطيس" .
- يا "حج" الإشارة "حمرا للعربيات" "خضرا للمشاة" يعنى المفروض العربيات تقف و المشاة تعدى .
- خضرا إيه  و حمرا إيه يا بنى ؟ ، إنت كنت عايش بره "مصر" ، هنا ما فيش الكلام ده .
لم ينهى كلامه حتى رأيت ما يتحدث عنه ، و هو إضطراب  غير عادي فى الشارع نتيجة عدم الإلتزام بقواعد المرور ، و لم يتركنى أنصرف حتى شربت كوب ماء و تعهدت له أن أنظر حولى و قال لى :
-        فاكر إعلان تنظيم الأسرة بتاع زمان ؟ هاه فاكره ؟ ما تعديش الشارع سواء و إنت سايق أو و إنت ماشى غير لما تنظر حولك ، إنت ملتزم ، ملايين غيرك مش ملتزمين ، يعنى حتروح فى "توكر" .
-        حاضر ، إسمك إيه يا عم ؟
-        "شحاتة" ، إسمى "شحاتة" و أنا فراش محل القماش ده . قالها و هو يشير إلى المحل الذى أحضر منه الماء .
شكرت "عم شحاتة" و بدأت فى السير ، كان أكثر ما يضايقنى ليس بهدلتى بسبب الوقعة و لا القطع الذى أصاب القميص و لكن إنكسار النظارة فهى أخر ما أمتلكه من "ذكريات باريس" و الأهم إننى لا أستطيع المسير دون "نظارة شمس" و كان الكل يعتقد إن إرتدائى الدائم للنظارة هو "إستكمال وجاهة"  ، لكن المقربين منى يعرفون ما أصاب عينى بسبب حادث تعرضت له ، المهم بدأت أتحرك و كل من بالشارع ينظر على كم القميص المقطوع ، حتى بدأت أفكر فى العودة إلى "مصر الجديدة" ، و بلاش المشوار اللى أوله حادثة كده ، و فى تلك اللحظة وجدت أمامى محل نظارات عليه ماركة نظارتى و فعلاً دخلت إلى المحل و سألت البائع الواقف :
-        صباح الخير ، ممكن تصلح لى النضارة ديه ؟
-        صباح الخير يا أستاذ ، أيوه تؤمر أشوف النضاره بعد إذنك ؟
-        إتفضل .
-        ديه موديل السنة دي العدسة الشمال إتكسرت حنغيرها و حنحط الشنبر على ماكنة الظبط ، العدسة سبعماية و خمسين جنيه و الماكنة عشرين يبقى سبعماية و سبعين ، أوكيه أستاذى ؟
-        ده مبلغ كبير قوى ، مش ممكن تنزله شويه ؟
-        أنا تحت أمر حضرتك ، أنا صاحب المحل ، ممكن أشيل لحضرتك فلوس الظبط ، لكن العدسه ده سعرها اللى بتيجى بيه من التوكيل و بأضيف عليها مصاريف المحل لإن مكسبى الحقيقى فى بيع النضارة كلها ، و صدقنى ده سعر مش حتلاقيه غير عندى ، و لو تحب تلف و تشوف و أنتظرك ، تحت أمرك .
-        طيب حضرتك بتاخد بالكريديت كارد ؟
-        أيوه .
-        طيب إتفضل .
قلتها له و أنا اخرج البطاقة الإئتمانية من المحفظة و أفكر ، حين يأتى موعد دفع مستحقات البطاقة الإئتمانية من أين سأسددها ، أحضر لى صاحب المحل زجاجة مياه و كوب شاى كان المحل برغم بساطته نظيف جداً ، و رائحة العطر تنبعث منه و من صاحبه فسألته :
-        إيه البارفان اللى بتستخدمه يا أستاذى ؟
-        "نيو دانهيل براون" ، و حضرتك ؟
-        "أمبر" .
-        ده لسه نازل السنة دي ، جايبه بكام ؟
-        تسعماية و خمسين جنيه ، و حضرتك ؟
-        سبعتاشر جنيه و نص .
-        أفندم ؟ إزاى ؟
و هنا ضحك صاحب محل النظارات و قال لى :
- أصلى لما كنت بره كنت بأجيب البارفانات الأصلى ، أنا كنت "مهندس سيارات فى دبى" و لما رجعت "مصر" لقيت اسعار البارفانات غالية قوى و عرفت طريق محلات التركيب بقيت أجيب من عندهم ، و بصراحة نفس الريحة و أقوى فى الثبات فبقيت اجيب التركيب ، و الراجل بقى بييجى لحد هنا و كمان طلع كان زميلى فى كلية الهندسة ، و لما ما لقاش شغل بقى بيشتغل فى العطور .
- و الموضوع ده ماشى يا "باشمهندس" ؟
- ماشى قوى و حتلاقى ناس كتير بتشترى و الأسامى اللى شفتها معاه لو قلتلك عليها حتستغرب ، من أغنى التجار فى المحلات اللى حوالينا ، و راكبين أحسن عربيات ، بس الصح إنك تدفع فلوسك فى المكان اللى يستحقها ، و طالما أقدر أوّفر أوّفّر ، صح ؟
- صح .
و كانت النظارة قد تم إصلاحها ، شكرته و بعد أن قام بسحب ثمن إصلاح النظارة من بطاقتى الإئتمانية أخذتها و إنصرفت  .

ذهبت إلى محل لأشترى قميص بدلاً من ذلك المقطوع و الذى شعرت أن صاحب محل النظارات لم يسألنى عن سبب القطع لعدم إحراجى ، قال لى صاحب محل الملابس إنه ممكن إصلاح قميصى المقطوع و سيتكلف عشرة جنيهات ، و هنا بدأت أفكر لكى أوفر مبلغ "زجاجة العطر الأصلية" تكبدت مبالغ كبيرة و كدت أفقد حياتى و "نظارتى" فهل الأمر يستحق كل هذا ، كنت أفكر فى ذلك و أنا أخلع قميصى لأرتدى القميص الجديد و أترك المقطوع لأصلاحه على وعد منى بالحضور بعد قليل لأستلمه ، و أنا خارج من المحل بدأت أفكر ثانياً محاولاً تجنب الإبتسام حتى لا أكون "المجنون" الذى قالت عنه السيدة العجوز ، و لكننى أمسكت نفسى متلبساً بالإبتسام و هو جرم جد لو تعلمون عظيم ، المهم قلت لنفسي :
- كل ده فى الطريق لشراء زجاجة عطر فماذا سيحدث لى عند الوصول لمكان العطور و بدأت التوجه لمحل العطور حسب الوصفة الموجودة معى و أنا فى الطريق أدندن داخلى بكلمات "أوبريت الليلة الكبيرة" .
-        ديه وصفة سهلة ، ديه وصفة هايلة ، و أحسست بينى و بين نفسى إننى أنا أبو عمة مايلة ، فهكذا كنت و لا زلت ، أتخذ من أصعب المواقف مادة للضحك و السخرية حتى لا أنهار كما رأيت ما حدث لبعض من معارفى ، و أخرين سمعت عنهم دون أن أراهم ، و ممن رأيتهم و عرفت قصصهم دون أن أعرفهم بشكل شخصى .
و فى الطريق بدأت أتعجب من المكان و بدأت أتساءل بينى و بين نفسى ثم بدأت أسأل بعض المارة هل هذا المكان هو الذى اقصده ؟ ، بعدما أبلغهم بالعنوان و لعجبى كان الكل يؤكد لى أن العنوان سليم ، كان تعجبى بسبب أن رائحة المكان لا تعطى إحساس إننى متجه لمصدر العطور الطيبة بل إن رائحته أقرب ما يكون ل"مترو أنفاق باريس" و لمن لم يزر تلك المدينة الممتعة برغم نظافتها المذهلة و الجمال فى كل شئ ، إلا إنك لن تنس أبداً رائحة مترو الأنفاق و سأدع لكم المسمى الذى ترونه لرائحة المترو حينما تزوروها أو لو كنتم قمتم بزيارتها من قبل فأظن أنكم تذكروا تلك الرائحة الغير طيبة التى تنبعث من المترو و هو وسيلة االإنتقال التى لا غنى عنها فى باريس ، و هذه الرائحة الغير طيبة هى ما شممته فى المنطقة التى أنا بها من أجل "زجاجة العطر" حتى فكرت للمرة الخامسة فى العودة و أكتفى بما حدث لى من متاعب حتى الأن ، لكننى قلت لنفسى :
- هى موتة و ألا أكتر ، فاز بالهوا من كان جسور .
- بالهوا يا "سى شوقى" مش بإختناق فى التنفس ، و لكننى ما أن عبرت المنطقة الغير طيبة الرائحة حتى وصلت إلى مكان يكاد البريق به يخطف الأبصار ، بريق زجاجات العطر الكريستال ، و تكاد الروائح الطيبة أن تمنعك من أن تتنسم هواء أخر غير هواء عبيرها الآخاذ ، و بدأت أسأل على إسم المحل الذى أنا قادم له خصيصاً ، و فعلاً وصلت إليه و يا لهول ما رأيت محل بسيط لا يقنعنى أن أقف أمامه و أنا عابر للطريق و لكنه برغم ذلك تجد أمامه زبائن كثيرة ، فى حين تجد باقى المحلات لا يقف أمامها أحد بالمرة ، و سألت عن إسم من قيل لى أنه أفضل من يعد تلك العطور و قابلته و بدأنا الحوار فوجدته شخص مهذب ، حاصل على دبلومة فى الأدب الفرنسى بعد تخرجه من كلية الأداب و حين عرف إننى ازور فرنسا بدأنا نتحدث و وعدنى إنه سيعد لى أفضل العطور بجانب ما طلبته ، و فى تلك اللحظة حضر صاحب المحل و هو شاب مثلنا و بدأ يتحدث مع "عادل" و هو من حضرت لمقابلته ، و وجدت صاحب المحل ينظر لى من أعلى إلى أسفل و يقول لى :
ماذا قال لى صاحب محل العطور و ماذا حدث و كيف تغير حالى ، هذا ما سنعرفه معاً المرة القادمة .
تحياتى و دمتم فى خير .
محمد أحمد خضر
+20123128543



الأربعاء، 25 مايو 2011

الأدب كأحد مصادر الفيلم السينمائى


الأدب كأحد مصادر الفيلم السينمائى



مقدمة :
نعلم أن للفيلم السينمائى مصادر متعددة ، منها الأحداث الواقعية ، و هى كل ما يقع حولنا مثل الحروب ، الثورات ، الجرائم ، الأحداث الشخصية مثل العلاقات العاطفية و الخلافات الزوجية و لعل أشهرها الثلاثى المقدس "الزوج و الزوجة و العشيق" .

ومن المصادر الهامة للفن السينمائى الأدب بكل أنواعه "مسرحية ، رواية ، قصة قصيرة" ، و الأدب هو أحد أهم مصادر الفيلم السينمائى فنذكر فيلم "شفرة دافنشى عن رواية تأليف دان براون" و فيلم "ذهب مع الريح عن رواية تأليف مارجريت ميتشل" و فيلم "عطر عن رواية تأليف باتريك زوسكيند " هذا على مستوى السينما العالمية .


أما بالنسبة للسينما العربية فنجد أفلام"الأيدى الناعمة عن مسرحية بنفس الإسم للأديب توفيق الحكيم" ، فيلم "رد قلبى عن رواية للأديب يوسف السباعى" ، فيلم "واإسلاماه عن رواية الأديب على أحمد باكثير" و "الأرض رائعة الأديب عبد الرحمن الشرقاوى" .
و الكثير مما لا يسع المجال لذكره و قد ذكرنا تلك الأفلام على سبيل المثال لا الحصر ، و لقاءنا اليوم سيكون مع أكثر الأدباء التى تناولت السينما أعماله الأدبية ، و لا أظننى هنا أحتاج إلى ذكر إسمه فأسمعكم أصدقائى تسبقوننى بذكر إسمه ، فمن منا لا يذكر"السمان و الخريف" ، "ميرامار" ، "الطريق" ، "قلب الليل" ، "الحرافيش" ، "ثرثرة فوق النيل" ، "الكرنك" و"الثلاثية (بين القصرين – قصر الشوق – السكرية)" .
أديبنا اليوم هو أديب نوبل "نجيب محفوظ" ، سنقدمه من خلال عرضنا لكتاب أعتبره من كنوز المكتبة السينمائية و هو كتاب "عالم نجيب محفوظ" كأديب و سينمائى و الذى قدم لنا عمل "نجيب محفوظ" السينمائى ك"سيناريست" و "عمله كمدير للرقابة على المصنفات الفنية ، مدير عام لمؤسسة دعم السينما ، مستشار للمؤسسة العامة للسينما والإذاعة والتلفزيون ، ثم رئيس مجلس إدارة المؤسسة العامة للسينما (1966-1971)" و برغم توليه لإدارة هذه المؤسسات إلا أنه لم يتدخل فى إختيار أحد أعماله الأدبية ليتم إنتاجه سينمائياً و كذلك بالنسبة لإخراج أى عمل من أعماله فقد كان يترك العمل للمخرج ليتولى عمله بالشكل السينمائى الذى يناسبه ، و لم يقم بالعمل كسيناريست لأى قصة أو رواية من أعماله عند تقديمها سينمائياً .


و الأن أقدم لكم عرضى لذلك الكتاب القيّم و هو كتاب :
عالم نجيب محفوظ السينمائي
للكاتب و الناقد السينمائى
د . وليد سيف
يقدم لنا الكتاب الأديب "نجيب محفوظ" وعلاقته بالسينما التى قدمت أول سيناريو له عام1947وهو فيلم "المنتقم" ومنذ ذلك التاريخ وحتى وقت صدور الكتاب عام2001قدم للسينما 34سيناريو لكتًاب آخرين وقد شغل العديد من المناصب السينمائية الهامة ومن رواياته التي قدمت للسينما "بداية ونهاية"، "خان الخليلي" و "القاهرة30" ، ومن سيناريوهاته "المنتقم" ، "مغامرات عنتر وعبلة" ، "الفتوة" و "شباب امرأة" و أديبنا يترك الأمر كله لصانع الفيلم ولا يتدخل فيه .
الفيلم بين الرواية و القصة السينمائية

-        حين يتم تقديم قصة للسينما فذلك أسهل من تحويل الرواية لفيلم سينمائى ، حيث يترك الأمر لإبداع السينمائي ، أما الرواية فصعوبتها تكمن في تعدد شخصياتها وأحداثها مما يجعل السيناريست يضطر لحذف بعضاً من الأحداث و الشخصيات مع الإستفادة من النسيج الأساسي المكون للرواية عند تحويلها لفيلم .
نجيب محفوظ و الوسائط المختلفة
-        و قد قدم المسرح تجربة لرواية "بين القصرين" إلا أنها كانت غير مناسبة لأن روايات "نجيب محفوظ" لا تناسب المسرح لكثرة أماكن أحداثها وتعدد الشخصيات ، في حين أن المسرح محدود في المناظر والأحداث والشخصيات .
-        أما الإذاعة فقد قدمت لنا من أعمال نجيب محفوظ ما يتفق مع شكل المسلسل الإذاعي من أحداث كثيرة و فترات زمنية متعددة وطابع ملحمي مثل "الحرافيش" و "حكايات حارتنا" وهذه الأعمال يستحيل تقديمها في عمل سينمائي واحد .
-        أما بالنسبة للتلفزيون فيرجع سبب عدم إرتفاع مستوي الأعمال التليفزيونية للرقابة الشديدة علي هذا الجهاز في كل أنحاء العالم . ونظراً لأن روايات نجيب محفوظ تضم فكر تقدمي فيما تطرحه من قضايا تتعلق بالدين والسياسة والفلسفة و لذلك كان من الصعب تقديمها بشكل ينافس تقديمها في السينما أو حتى يقاربه . مع الأخذ في الاعتبار أن السينما لم تقدم الروايات الثلاث التاريخية لنجيب محفوظ وذلك لارتفاع تكاليف الإنتاج السينمائي التاريخي .
مع ظهور السينما عام 1895 لم يتصور صناع هذا الفن أنه سيصبح فن له قواعد و أسس ونظريات .
ففي البداية تم تصوير المسرحيات المعروضة ، ولكنها أصبحت غير جذابة للجمهور وتأكدوا من أن قاعة المسرح هي المكان الأنسب لها . ومع ظهور رواد سينمائيين مثل  "شارلي شابلن" و "جريفيث" وتوظيفهم للكدر السينمائي والمونتاج ، ظهرت الحاجة إلي اللجوء إلي الرواية و لأن الرواية تتضمن أفكار صعبة التنفيذ إجتهد الفنان السينمائي فى توضيح ما تضمه الرواية من أفكار بشكل سينمائي عن طريق كاتب السيناريو وتعددت أنواع الأفلام السينمائية كالوثائقية بجانب الأفلام الروائية .
والنقد السينمائي تطور و كان له دوره مثله مثل النقد الأدبي للرواية .
وبرغم التطور الذي شهدته صناعة السينما ووجود نصوص تعد خصيصا للسينما إلا أنه لم يتوقف مبدعوا السينما عن الاستعانة بالأعمال الأدبية و حتى أفلام السينما الأمريكية بتقنياتها الحديثة لم تتوقف عن الإستعانة بقصص الخيال العلمي الأدبية .
و الأوسكار تخصص إحدي جوائزها لسيناريو مأخوذ عن نص أدبى ، كما أن السينما الأمريكية تعتمد علي النصوص الأدبية التي تحقق نجاح تجاري .
وقد اعتمدت السينما المصرية في بداية إنتاجها علي الأعمال المسرحية الناجحة في مصر خصوصا أن نجوم المسرح كانوا هم أنفسهم نجوم السينما مثل "يوسف بك وهبي" و "نجيب الريحاني" و "علي الكسار" و نصوص مسرحهم مأخوذة من المسرح العالمي وبالأخص "المسرح الفرنسي" وقام بتمصيرها كتاب مبدعين مثل "بديع خيري" و "أبو السعود الإبياري" وهم أنفسهم الذين قدموها للسينما .
و السينما المصرية قد حققت خبرة طويلة في تحويل الأعمال الأدبية إلي أفلام ، بداية من فيلم "زينب" الصامت المأخوذ عن رواية للأديب "محمد حسين هيكل" .
ومع تطور صناعة السينما المصرية أصبح هناك شبه رفض لإستمرار عملية التمصير وأصبح هناك إتجاه للإعتماد علي  المبدعين المصريين . و مع ذلك لم يستطع السينمائيين المصريين التخلص تماما من إستخدام الأعمال الأدبية في أفلامهم و حتى "يوسف شاهين" الذي إشتهر بأنه يسعي لتقديم سينما خالصة قدم لنا فيلم الأرض ل "عبد الرحمن الشرقاوي" و "اليوم السادس" ل"أندريه شديد" .
ويعتبر أديبنا "نجيب محفوظ" أكثر روائي قدمت السينما أعماله حيث قدمت السينما المصرية 27 فيلم عن 19رواية له . وقد كانت السينما تقدم روايات "نجيب محفوظ" بشكل يناسب الحالة السائدة في المجتمع .
-        فمع "ميرامار" نجدها مناسبة تماما للعرض بعد النكسة حيث قدمت تحليل إجتماعى ونفسى لشخصيات بعد الثورة .
-        وكذلك فمع محاربة مراكز القوى ظهر فيلم "الكرنك" والذى حقق نجاحاً ساحقاً  .
-        ومع موجة العنف فى السينما العالمية قدمت السينما المصرية أفلام (الفتوات والحرافيش) .
-        كذلك فقد قدمت لنا السينما روايات "بداية و نهاية" و "زقاق المدق" كنقد لفترة ما قبل الثورة .
-        وقدموا لنا  "السمان والخريف" و "ثرثرة فوق النيل" و "ميرامار" نقداً لما بعد الثورة .
وبرغم أن هذه الأعمال قد تبدو متباينة الاتجاهات إلا أن أديبنا كان يعكس واقع المجتمع ، والنجاح أو الفساد فيه .
و في الستينيات وهى أكثر فترة إبداعية ، قدمت السينما أعمال عديدة لأديبنا مع مخرجين متميزين محترفين مثل :
- "صلاح أبو سيف" - "عاطف سالم" - "كمال الشيخ"
- "حسن الأمام" و "حسام الدين مصطفي" .
وبالرغم من هذا إلا أن هناك رأى يقول إنه بالرغم من أن تلك الأفلام نجحت بشكل كبير إلا أنها لم تنقل النص الروائي بأمانة تامة .
-        و في الفترة من عام 1968 حتى عام 1975 نلاحظ أنه تم أنتاج مجموعة ضخمة من أعمال أديبنا "8 أعمال" وتتميز هذه الأعمال بعدم وجود فارق زمني كبير بين تاريخ إنتاج كل منها والأخر . كذلك نجد أهمية البعد السياسي . وخرجت هذه المجموعة عن المألوف في السينما المصرية من حيث الشكل والمضمون متماشية مع موجة الأفلام الجادة . و هذه الأفلام علامات هامة في تاريخ السينما.
-        و في الفترة من 1975 حتى 1985 قدمت السينما قصصه القصيرة إلا أنها عادت لرواياته بعد ذلك لكنها لم تكن على المستوى المطلوب فنيا سواء بعض الأعمال مثل أفلام  "الجوع" و "وصمة عار" و"قلب الليل" و "أصدقاء الشيطان"  و "التوت والنبوت" و "المطارد" .
الرواية الاجتماعية النقدية من 1944 -1957
"خان الخليلي" ، "زقاق المدق" ، "بداية ونهاية" ، "بين القصرين" ، "قصر الشوق" ، "السكرية" ،"السراب" وكل هذه الأفلام تنقض الواقع الأجتماعى عدا "السراب" الذي يناقش مسألة نفسية وبرغم أن الفيلم يناقش قضية غير مطروحة في السينما المصرية إلا أنه أظهر البطل بنوع من السخرية منه علي عكس الرواية . أما "الثلاثية" فقد قدمت قيمة عالية إلا أن المخرج "حسن الأمام" أخفق فيها عدا "السكرية" التى تعتبر أعلاهم ، أما "خان الخليلي" فقد أثر المكان تأثير واضح علي العمل ككل .
الفترة من 1961-1967
بعد رواية "أولاد حارتنا" إتجه أديبنا إلي فلسفة الوجود لأفراد بعينهم أُلقوا خارج الحياة العامة مثل "اللص والكلاب" و "السمان والخريف" و "الطريق" و "الشحاذ" و "ثرثرة فوق النيل" و "ميرامار" ولعل "ثرثرة فوق النيل" تعد أنجحهم سينمائيا لما تقدمه من جو مرح والكثير من الإثارة الجنسية .
الفترة من 1972 -2001
-        من 1972- 1975 هي مرحلة العودة للواقعية علي مستوى جديد "الكرنك" و "المرايا" و "حضرة المحترم" حيث نجد أن المواطن عنده شعر بوجوده وتأثيره في المجتمع .
-        ومن 1975-2001 تنوع الإسلوب و إن إشترك معظمها في المضمون ، وهو شعور الشخصيات بحقها في تحديد مصير الوطن "قلب الليل" و "الباقي من الزمن ساعة" و "قشتمر" وتشترك "الحب تحت المطر" و "الكرنك" في تقديم ما نعانيه من ضغوط ومشاكل . أما "الحرافيش" و "عصر الحب" و "قلب الليل" تشترك في تقديمها لتعاقب أجيال و تبدأ من بدايات القرن العشرين متتبعة مصير الشخصيات .
-        الرواية عند تقديمها سينمائياً تضطر كاتب السيناريو للتالي :
-        الإختزال : لأن الرواية غير ملتزمة بزمن عرض ، عكس الفيلم الذي يلتزم بمدة عرض .
-         الإضافة : وذلك لإحتياج الفيلم بالإحتفاظ بالشكل المترابط لأنه نتيجة عملية الاختزال قد يفكك العمل كله .
-        إعادة البناء : وهو نتيجة للعمليتين السابقتان وقد يحدث فيه تغيير شكل البناء الدرامي ، إلا إن هذه العملية قد تبتعد بالشكل الدرامي عن النص الأصلي .
* وفي العمل الدرامي هناك الحبكة والصراع والشخصيات والتي يعتمد عليها تماماً في فن الرواية والفن السينمائي و لكن هناك عناصر تختص بكل فن علي حدة :
-        الرواية : اللغة- وجهة النظر- الخيال في الرواية .
-        السينما : لغة الصورة – إسلوب القطع – الخدع السينمائية – الموسيقي التصويرية – المكساج .
وبذلك نجد أن تحويل رواية إلى فيلم سينمائى عملية شاقة جداً لإختلاف أسلوب كل فن .
السينما المصرية :
-        الإنتاج : بإستثناء فترة القطاع العام لا توجد بمصر مؤسسات  سينمائية مثل أمريكا . والإنتاج مغامرة كبيرة وظروف الإنتاج تحد من الإبداع . إلا إنه هناك استثناءات .
-        التوزيع : الفيلم المصري له سوق كبيرة ، ولا يتوفر له ميزانية كبيرة ، ولا يستطيع حماية نفسه من السرقة ، فنضطر لبيعه بأرخص الأسعار فمشكلة التوزيع تجعل كاتب السيناريو يعلم أنه يخاطب 200 مليون عربي وعليه أن يسعي لإرضاء كل الأذواق مع مراعاة محاذير الرقابة في كل بلد .
-        الرقابة علي السينما : الحرية المتاحة للكتاب أكثر من المتاحة للفيلم لإتساع مجال جمهورالسينما وخطورة تأثيره .
-        الجمهور : يختلف من فترة إلى أخري وهى مشكلة تزداد صعوبة من جيل إلى جيل والجمهور المقصود هنا هو الجمهور الذي يذهب لدور العرض.
نماذج من أعمال اديبنا التى قدمت سينمائياً
خان الخليلي
رواية "خان الخليلي" العمل السابع لأديبنا وأحداث الرواية تدور عام1941 وصدرت عام 1946 و هي صورة للواقع  الأجتماعي والسياسي لكنها طرح فلسفي لفكرة الحياة والموت .
تبدأ بإنتقال (أحمد عاكف) موظف متقدم في العمر مع أمه و أبيه إلى حي خان الخليلي هربا من غارات الألمان التي تأثر بها حيهم السكاكينى أملا ألا تهاجم الغارات حي خان الخليلي المجاور للحسين و المليئة بالمساجد ويخفق قلبه لحب جارته ويرغب بالزواج بها رغم الفارق في السن حيث يلاحظ منها علامات القبول دون أن يصارحها بحبه لخجله الشديد و فقدانه الثقة في ذاته وإنغلاقه علي نفسه في القراءة التي تعوضه عن عدم مواصلته التعليم ولكن شقيقه الأصغر يأتي ليقيم معهم والذي تقع في حبه الفتاة ويتخلى (أحمد) عن حبيبته مرغماً . ولكن الحبيب الذي إعتاد على السهر والمغامرات يصاب بأزمة ربوية كان يصعب العلاج منها وقتها ويموت وتتشاءم الأسرة وتنتقل إلى مكان أخر .
ويحرص أديبنا في أول جمل الرواية أن يحدد الشهر والساعة والتاريخ حيث أصبحت رواياته تشكل مرجع تاريخي هام يطل منه المواطن العادى على ماضيه القديم و الحديث ويتشكل وعيه به من خلالها سواء عن طريق القراءة أو مشاهدة الأفلام .
تم إنتاج الفيلم وعرضه عام 1966 ، من إنتاج مؤسسة السينما التي كان محفوظ رئيسها في تلك الفترة . وكان مثل هذا الفيلم من الصعب إنتاجه في تلك الفترة . وكانت الرواية تعد من الماضي ولولا القطاع العام لكان يستحيل إنتاج الرواية سينمائيا والفيلم جمع ألمع نجوم السينما في ذلك الوقت . ولم يحصل الفيلم على أى جوائز ويقول محفوظ أنه لم يختاره ولو كان له الخيار لقام بإختيار "السمان والخريف" لأنها رؤية تقدمية .
ميرامار
تقدم عرض لشرائح مختلفة من المجتمع فترة ما بعد الثورة فشخصية "زهرة" ترمز الى "مصر" الباحثة عن سند وحب و إستقرار وسعادة و كل شخصيات الرواية تحاول إستغلال "زهرة" كلاً بطريقته بإستثناء "عامر وجدى" والذى يمثل لنا المحب لوطنه المخلص له .
قلب الليل
تتناول شخصية "جعفر الراوى" الذي مر بكل المراحل والتغيرات و الذي يعبر عن بحث الإنسان عن ذاته في محاولة للوصول لحقيقة وهدف وجوده .
الطريق
وهى بحث صابر عن أبيه "سيد الرحيمي" الذي لا يعرفه أو كما قال عنه الكتاب البحث عن "الرب-الله – أبانا الذي في السموات" ليعرف حقيقة وجوده وهو بحث الإنسان الدائم عن ذاته وحقيقة وجوده.
رأيى الشخصي في الكتاب
قدم لنا الكتاب معلومات قيمة عن قيمة فكرية عالية وهو الأديب "نجيب محفوظ". وقدم لنا أعماله السينمائية وأفرد صفحات لمناقشة بعضها .كذلك فقد شرح بالتفصيل العلاقة بين الأدب والسينما ومراحل تحويل الرواية الأدبية إلي عمل سينمائي والصعوبات التي تواجهها في ذلك . كذلك فقد ألقى الضوء علي عمل الأديب الراحل في مؤسسة السينما والتي قد لا يعرفها الكثير وهو كتاب ذاخر بالمعلومات القيمة بأسلوب سهل مبسط يجعل المتخصص وغير المتخصص في الأدب والسينما يهتم بقراءته بنهم .
أصدقائى لم أقدم الكثير من الكتاب بشكل مكثف حتى لا أقطع على من يريد قراءته متعة القراءة فالكتاب ملئ بالمعلومات القيمة .
محمد أحمد خضر
+20122 312 8543