الاثنين، 10 أغسطس 2015

شبح ليلة عيد الميلاد 2

شبح ليلة عيد الميلاد

2







لففت قدماى بأكياس بلاستيك مما يتم وضع المشتريات بها وجدتهم فى جيب البنطلون و أمسكت فرع شجرة قوى علقت عليه شنطة الحذاء المبلول مقلداً أبطالى الأوائل  "هاكلبري فن" و "توم سوير" أبطال قصص الروائى "مارك توين" . و بدات أسير بذلك الشكل كمتشردى أمريكا الذين أصبحوا مليارديرات و كفقراء "مصر" اللى أصلهم كان فوق لكن الزمان جاب مناخيره فى التراب ، ضحكت و أنا أتذكر "مارى منيب" فى مسرحية "إلا خمسة" و هى تحادث "سليمان أو عبده" و عند هذه النقطة صمت فلقد رأيت من بعيد "فيلا جدى" أو لنقل "سراى الباشا" فهى ورث عن أبوه لم يفرط فيه و كلما إقتربت كنت أتأكد أنه كان عنده الحق كل الحق ألا يفرط فى تلك "السراي" التى أسموها "فيلا" و التى لا زال جدى مُصر على تسميتها بإسمها "سراي الباشا" لقد كانت محاطة بتماثيل رائعة الجمال و الأجمل أن التماثيل قد نحتت فى كل الجدران الخارجية للسرايا . لكن كان هناك شئ فقد كنت كلما إقتربت شعرت كما لو كان هناك شئ يحيط بالفيلا ، كما لو كانت محاطة بغلاف يفصلها عن باقى المنطقة و الأرض المحيطة بها ، لم أقف عند ذلك التفكير كثيراً بل تعديته لأعبر باب الحديقة الخارجى ، لم أجد "شحاتة" حارس الفيلا و الجناينى و سائق جدى و الطباخ ، كان ذلك ال"شحاتة" كل شئ عند جدى يعرف موعد إستيقاظه و موعد نومه موعد الإفطار موعد سقى الزرع موعد قطف الورد لإفساح مكان للورود الجديدة ، كان "جدى" منظم بشكل يصعب معه أن يبق أحد معه ، فلو بقى أحد لن يحتمل أحدهما الأخر و لقد جربت الأمر ذات مرة فلم أستطع البقاء غير ليلة واحدة ، بعدها فررت إلى "مصرالجديدة" و لم أفكر فى الذهاب لذلك "المنظم" بعد ذلك إلا لمجرد الزيارات البسيطة التى لا تتعدى فترات البقاء فيها عنده وقت محدد يكون فيه مستيقظ غير مشغول إلا بإستضافة الضيوف "بناته" و "أزواجهم" و "أحفاده" و كان يسعدنى فى تلك الزيارات عدم وجود "الست تعاسة" فلقد كانت تخشاه بشدة و عرفت فيما بعد ببحثى الطويل أن هناك شئ إكتشفه "جدى" عنها لم يتحدث به إلى أحد لكنها كانت تخشى أن يكشف سرها ، على كل حال ده مش وقته قلتها لنفسى حين شعرت كما لو كانت هناك قوة تدفعنى لعدم دخول "السراي" ، لقد شعرت بأن هناك رياح قوية تدفعنى بعيداً عن "السراي" برغم عدم وجود هواء ، تحاملت و عبرت باب الحديقة و بمجرد عبورى الباب شعرت بهدوء و سكون و سكينة عجيبة كما لو كانت الأصوات قد إختفت تماماً فلم أعد أسمع نباح الكلاب و لا أصوات الطيور المتعددة فقد قاربنا على الغروب و هى تذهب لعششها فاين أصواتها ؟ ! حتى أصوات حشرات الحقل لم أعد أسمعها لم يبق هناك صوت خارجى ! ، فقط الهدوء محيط بكل ما حولى عبرت الحديقة المنظمة بعناية أستمتع برؤية الورود المنظمة فى أحواضها و الأشجار المنسقة بعناية شديدة كل هذا و لم يظهر لى أحد ، حتى "بوتشى" الحارس الخاص بجدى ، ذلك الكلب البلجيكى الذى أحضره من إحدى زياراته المتعددة ل"أوروبا" .وصلت إلى باب السراى أدرت مزلاج الباب فإنفتح و دخلت و أنا فى قمة التعجب فلم أعتد الإهمال على جدى ليترك الباب للعابرين مفتوح دون حراسة عبرت الباب العتيق فسمعت صرير خفيف للباب ذكرنى بقصة "شبح ليلة عيد الميلاد" إنتابنى الخوف فلقد تذكرت أن القصة دارت فى مكان يشبه "سراى الباشا" هذه التى أقف على خشب أرضها فالأرض فرومايكا من النوع الفاخر - باشوات بقا مش شحاتين زينا- تعديت هذه النقطة و بدأت أصيح باحثاً عن جدى بإسلوبى الخاص و الذى كان يعتبره تجاوز لحدود الأدب التى تربينا عليها و يرانى تألف الخلق و أمى ما عرفتش تربينى :
-        جدى . . . جدى . . . يا جدى بيه يا ابن ال . . . . يا ابن الباشا . لم أسمع غير صوتى يتردد بصدى صوت أشعرنى بخوف فبدأت أتحرك بهدوء أدور فى كل مكان علّى أجد جدى بحثت هنا و هناك دخلت غرفة المكتب ثم الصالون و غرفة السفرة و توجهت إلى المطبخ حتى نزلت البدروم فلم أعثر على جدى فى أى مكان ، كان علّى البحث فى الدور العلوى و هذا الدور كان محرم علّى الذهاب إليه بعدما أمسكنى أقبل إبنة أحد أقاربه فى أحد الغرف تشجعت و قلت لنفسى :
-        هى موتة و ألا أكتر يا جدع إطلع الدور المقدس اللى شاف بعض شقاوات الصبا و فعلاً إستجمعت شجاعتى و صعدت إلى الدور العلوى و بدأت النداء مرة ثانية و أثناء عبورى الممر الطويل إنفتح خلفى أحد الأبواب بشدة فإلتفت فرأيت "أنثى" لم أرها من قبل و كانت جميلة ينبعث منها رائحة عطر جميلة متميزة و لكن نظرتها بها شئ من البرود و الجمود و التفحص فلنقل ان نظرتها كانت مرعبة أخافتنى بشدة و تعجبت منها فمن هى ؟ فى تلك اللحظة سمعت صوت عميق من خلفى يقول بهدوء مرعب :
-        عايز إيه ؟ إلتفت لمصدر الصوت فوجدته جدى تعجبت من طريقة حديثه التى احرجتنى بينى و بين نفسى و أمام الأنثى الغريبة نظرت له فى تعجب و قلت له فى إستعطاف ليرد عنى الإحراج الذى سببه لى بلا داعى :
-        أنا حفيدك يا جدى مش عارفنى .
-        عايز ايه ؟
-        تعجبت من تلك المقابلة بعد ذلك المشوار و لم أعد أستطيع تمالك نفسى فكان أمامى حلان لا ثالث لهما فإما البكاء و الإنهيار التام أو الموت الزواءم "تهريجة" و إما التعامل بجفاء يناسب الموقف و تحمل ما سيحدث بعد ذلك و كان تفكيرى يعمل بسرعة متناهية فلن أحرج نفسى أمام تلك السيدة التى لا أعرف من تكون و أنا أعلم طبيعة جدى الجامدة فقررت التعامل بحكمة الشجعان الكبار لا بصبيانية الصغار فنظرت له فى جمود أشد من جموده و قلت له فى هدوء دون إبتسام :
-        بناتك بعتونى أخد شوال دقيق .
-        فى البدروم .
-        حأستنى "شحاتة" يوصلنى بالشوال .
-        إنت مش عارف الطريق خد الشوال و إمشى على طول . نزلت الكلمات علّى كالصاعقة فهذا يعنى أن أسير بشوال يزن ما يزن نفس طريق الحضور و لكننى كنت قد عقدت العزم على عدم التراجع عن معاملته بنفس طريقته الغريبة التى لا أدرى لها سبب ، فى تلك الأثناء كنت لا أشعر بالأنثى التى تقف خلفى كأنها غير موجودة ، فإلتفت لأراها لم أجدها خلفى ، إلتفت إلى مكان وقوف جدى كان قد إختفى و لم يعد له وجود تماماً ، لم أعد أدرى هل ما أراه حقيقة واقعة أم إنه مجرد أوهام صنعها تفكيرى من قراءة قصة "شبح ليلة عيد الميلاد" على كلاً لا يهم سأعرف لو كان الأمر حقيقى من توجهى لإحضار "شوال الدقيق" تلك المهمة المقدسة و لا أدرى حتى يومنا هذا كيف واتتنى الشجاعة للذهاب إلى المخزن فى البدروم لأحضره و هل بى من قوة لحمله ، على كل حال ليس بالأمر مجال للنقاش توجهت و فى الطريق إلى البدروم كنت أشعر أن هناك من يتتبعنى إلتفت عدة مرات لأرى من يكون علها تكون "الجميلة" اللى فوق و ينوبنا من الحظ جانب "بوسة كده و ألا كده حضن دافئ" فى الليلة اللى مش فايتة ديه و يمكن تعجبها البوسة و تقول لجدى الطيب خللى الولد المسكين "أنا" يبات الليلة دى و نجيب حد يشيل الشوال و يوصلهوله ، طبعاً حتقول الكلام ده بعد ما تعجبها البوسة و الحضن الدافئ يا محطم قلوب العذارى قلت هذا لنفسى فبرغم الليلة الشاقة لم افقد حتى وقتنا هذا روح السخرية و كنت أقول لنفسى ضاحكاً هازلا مما انا فيه :
-        إيه يا واد يا اسمك ايه انتا هييييه اللى قبلينا خدوا ايه ؟ ثم تابعت أهوا حيدعلهم بالكحك اللى حنعملهولهم ايه ، ده انتا حتاخد دوعا دوعا للصبح طيب ما فيش حد يدعلنا الاقى الشوال المخفى ، كنت وقتها قد وصلت البدروم أبحث عن الشوال و للأسف فقد باء بحثى بالنجاح فلقد وجدته سريعاً و لم أرى "حسناء السراية" تلك التى سوف تنقذنى أو هكذا رسم لى خيالى ، حملت الشوال و لست أدرى من أين أتت لى قوة حمله و توجهت به إلى خارج السرايا ، الشوال كان يبدو ثقيل الوزن كيف حملته لست أدرى عبرت باب القصر إلى الحديقة و فى الحديقة كنت اشعر إننى شمشون الجبار اللى يتغدى بالولعة و يتعشى بالنار يا سلام لو بنات النادى ييجوا يشفونى و أنا شايل الشوال ده أنا كنت حأبقى حديث النادى كله و يمكن يعلقولى صورة جنب صورة الكابتن "مجانص" بطل رفع الأثقال تساءلت بينى و بين نفسى :
-        هل أستطيع حمل الشوال بيد واحدة و فعلاً جربت ذلك و لعجبى فقد حملته بيد واحدة و سرت هكذا أحمل الشوال بيد واحدة حتى وصلت باب الحديقة و فجأة بدأت اشعر بأوجاع و النهجان و بدأ سعال شديد و بدأت اسمع أصوات حشرات الحقل و الطيور العائدة إلى أعشاشها و نباح الكلاب و وقع الشوال من على كتفى و شعرت بألام غير طبيعية و بدأت اشعر بالدوار و إننى فى حالة عطش شديد و قلبى يخفق بشدة فى تلك اللحظة سمعت صوت سيارة و رأيت أنوار سيارة جدى "الرولزرويس تتبعها سيارتى "السوبر فيورا الحمراء" بها والدتى و خالتى كنت كالمغشى عليه نزلت أمى من السيارة معها خالتى متجهتان إلّى يصاحبهما "شحاتة" و كانت عين امى و خالتى مليئتان بالدموع و هما يقولا لى :
-        إنت شفته يا حبيبى معلش الله يرحمه .
-        ميه عايز ميه . أحضر لى شحاته مياه من الزير اللى قدام "سراى الباشا" . لم استطع فهم شئ من كلامهما فقد كانتا تبكيان بشدة و كانت امى فى حالة يرثى لها من هول منظرى ، فحملنى "شحاتة" إلى "الرولزرويس" و وضعنى فى المقعد الخلفى نظرت منها و انا راقد على المقعد كما لو كنت مريض فرأيت "فاتنة القصر" تنظر لى من النافذة مبتسمة إبتسامة غامضة . كان هذا كل ما أذكره فقد غبت عن الوعى ثم تنبهت لأجد نفسى فى سريرى فى المنزل و هنا قلت لنفسى بالتاكيد كل ما مر بى مجرد حلم لكننى ما أن خرجت من غرفتى متمطعاً طالباً كوب شاى حتى رأيت الأمر غريب فلقد كانت أمى و خالتى و "سعادة" يرتدون ملابس سوداء يوزعون القهوة على الموجودين فى الأنتريه بينما كان واضح وجود ابى فى غرفة الصالون بصحبة الموجودين معه بينما يقوم "شحاتة" سائق جدى بمدهم بالقهوة و يتعاون إخوتى فى مناولة القهوة لأبى و ضيوفه و لأمى و خالتى و ضيوفهن ما ان رأتنى أمى حتى أتت إلى مسرعة هى و خالتى يسندانى لإدخالى الغرفة لأرتاح و بدأت افهم منهما أن جدى قد توفى و أن "شحاتة" حضر لهم ليخبرهم بالخبر و يأخذهم لمتابعة ما ستفعلان و هنا نظرت لهما نظرة المندهش متسائلاً :
-        هو "جدى" توفى إمتى ؟
-        أول إمبارح الصبح قبل ما تنزل من البيت تروحله .
-        قبل ما أنزل من البيت أروحله ، أمال مين اللى قابلته ؟
-        إنت قابلت مين ؟ ؟ ؟ ! ! ! قالتاها معاً فى دهشة فقررت الصمت و السكوت و عرفت إننى ظللت نائم من أول أمس حتى اليوم و لم أحضر مراسم الجنازة و لم يأتى احد ناحيتى فقد كنت فى حالة غير عادية و انهما يشعرا بالذنب أنهما تسببا لى فى رؤيته ميتاً . إنتهت القصة لا صبراً إنتهت بالنسبة لهما فلم أحكى لأحد شيئاً فلقد كان ما رأيته يفوق ما يتحمله العقل البشرى الطبيعى و قد يتم إتهامى بالجنون ، كنت واثق مما رأيته تماماً و لكن ماذا سأفعل ؟ . سكت الكلام فلم يعد هناك كلام يقال و إستمريت فى حياتى الطبيعية و لم أذكر ما حدث لى لأى شخص و إكتفيت بإقتناع من رأنى فى تلك الحالة بإنها صدمة رؤية جدى ميت فى منزله . مرت السنين و تعددت الأحداث و نسيت ما حدث أو فلنقل تناسيته و اكملت دراستى و تخرجت و تم تعيينى فى إحدى المؤسسات الضخمة و فى يوم عند عبورى الباب الزجاجى الدوار فى مدخل المؤسسة المقامة على النيل إصطدمت بأنثى نظرت لها مبتسماً أعتذر فبادلتنى الإبتسامة بأخرى قلت لنفسى :
-        يا وعدى يا عدوى يا لهوى ده إحنا ليلتنا نادية الليلة دى يا جدعان مقلداً فى ذلك "عصابة ريا و سكينة" فى الفيلم بتاع "أنور وجدى" .
-        متاسف يا هانم ما أقصدش أخبطك .
-        بس أنا أقصد .
-        تقصدى ؟ ! ! !
-        أيوه لإنك وحشتنى برغم إنى ما شفتكش غير مرة واحدة بس و ساعدتك تشيل "شوال الدقيق" . و هنا إنتبهت إلى أن تلك الجميلة نسخة من "فاتنة القصر" اللى شفتها عند جدى ليلة شوال الدقيق أو فلنقل إنها هى .
-        هو حضرتك ؟
-        ما تسألش . قالتها و هى تبتسم و تضع يدها على شفتاى لأشم رائحة عطر رائعة غير موجودة فى عالمنا هذا .
نفس الرائحة التى تنسمتها ليلة شوال الدقيق . حأشوفك قريب قالتها و إختفت من أمام ناظرى أما ما حدث بيننا بعد هذا فهذه قصص غريبة عجيبة لا تمت للواقع الملموس بصلة إلا إنها فى غاية المتعة فحتى المقابلة القادمة ل"فاتنة القصر" حدثت لى أحداث غير متوقعة فإلى اللقاء . . .

تحياتى لكم أصدقائى و إلى لقاء قريب. . .
                                 
                               محمد أحمد خضر

+2 0122 312 8543

+2 0101 456 1217

+2 0114 955 5927


  



الأربعاء، 1 يوليو 2015

ظنها علاقة أثمة فى وابور الساعة إتناشر اللى مسافر ع الصعيد

ظنها علاقة أثمة فى وابور الساعة إتناشر اللى مسافر ع الصعيد






أحداث هذه القصة تدور فى أربعينيات القرن الماضى و أى تشابه بينها و بين أحداث واقعية لا علاقة لنا به .

إستيقظ "سيد كنيش" السابعة صباحاً بعدما تسبب شخيره و دبه برجليه على البلاط  فى إيقاظ جيرانه قبل الفجر ككل يوم لا تكون زوجته موجودة فهى تنزعج من اقل صوت و تديه كوع يعدله و أما الجيران فيقومون لصلاة الفجر و تكن دعواتهم اللهم خلصنا من "كنيش و امثال كنيش".
فتح "كنيش" صنبور المياه و شطف وشه و لم يغسل أسنانه بل قام بشطفها بشوية مية فهذا هو الرقى الحضارى بالنسبة له و لم يحلق ذقنه فبقيت ذقنه منبتة كما الشحاتين و تناول قطعة "كنافة" بقيلها ييجى أد إسبوع رمتها زوجته "رائعة الوجه و القوم" يقول العارفين بها إنها شبيهة سيد قشطة فلا يوجد بجسدها إنحناءات تثير الرغبات و لا بوجهها غمازات أو بسمات تعبر عن حالة من الحالات بل هى كده و اللى مش عاجبه يشرب من البحر المهم أكل "كنيش" حتة الكنافة و تبعها بالشاى بتاع إمبارح و لأنه نام يرتدى البدلة نزل على طول لا تعنيه رائحة جسده أو . . . .  فاليوم هو ذاهب إلى سيد قشطة فى حديقة الحيوان المفتوحة نقصد ذاهب إلى زوجته فى بيت العائلة فى بلدهم مما يعنى إنه سيأكل "زفر" و محشى "كرمب" –كيفما يسميه- و يفطر فطير بالسمنة البلدى و عسل أبيض من المنحل و عسل إسود من غيطان القصب و طحينة من ال . . . و لكن مالنا إسترسلنا فى وجبة طعام "كنيش" خلينا فى القصة
و الحقيقة ان تلك السيدة زوجته بنت ناس طيبين و اهلها يعتبروا كبارة البلد و عمها عمدة و هى كانت رائعة الجمال رشيقة القوام حتى حدث شئ فى حياتها حولها إلى "سيد قشطة" و لكن هذه ليست قصتنا فهذه قصة أخرى .
وصل "كنيش"  محطة مصر و هرع إليه أحد الفراشيين يناديه :
-        سيد أفندى . . سيد افندى .
-        عايز ايه يا "زفت" .
-        عايز أشوف لو محتاج حاجة او تحب اجيبلك باكو دخان أو معسل لزوم الإصطباحة . يقولها يريد ان يضعه "كنيش" فى إصطاف العاملين بالمحطة فما لا تعرفوه أن "كنيش" أحد مدراء محطة مصر و لكن الكل يبغضه لإسلوبه الغير لطيف مع الجميع فهو يرى نفسه "عظيم الفرس و الروم" و لم تخلق الأرض و السماوات إلا من أجله فرد على الرجل البسيط .
-        غور داهية تجحمك . و دخل إلى مكتبه يضع طربوشه فى المكان المخصص له و شرب من القلة كمية مياه تكفى لرى أراضى التربة الرملية و خلع جاكته فخرجت روائح مجهولة لكنها معروفة المصدر و هو جسد المأفون العفن . و جلس يضع رجل على رجل لتخرج روائح اخرى ثم يضغط الجرس ليستدعى سكرتيره فهو يدخل من باب لا يجعل أحد يعرف إن سيادته قد وصل دخل الشاب و شتّان الفارق فسكرتيره شاب حليق الذقن شاربه مهذب بشكل لطيف شعره يلمع كنجوم السينما فى ذلك الوقت الكلاسيك . فلو وضعنا الإثنان بجوار بعض لقلنا السكرتير المدير و "كنيش" عطشجى أو صبى عطشجى و بمجرد رؤية سكرتيره تغير وجه "كنيش" لا للأحسن و لكن للأسوأ فكما يبدو شعر بكل نواقصه فى وجه ذلك السكرتير النظيف و زعق فيه ليرعبه بقوله :
-        هاه تذكرتى جاهزة للسفر ؟
-        أيوه يا أفندم تذكرة حضرتك جاهزة .
-        عملتللى الأجازة و مضيتها من سيادة عبده بك وكيل الوزارة ؟
-        تمام حضرتك كل حاجة إتعملت .
-        و ايه اللى ما اتعملش يعنى حأتخانق على ايه النهاردة ؟
-        حضرتك إن شاء الله مش حتتخانق على حاجة و أجازة سعيدة تقضيها فى سعادة سعادة البيه . قالها و هو يبتسم فهذا الأفندى والده بيه و جده باشا و لكنه فضّل الإلتحاق بعمل يبدأ به من البداية ككل العظماء كما فعل جده و والده و هو خريج كلية رائعة و كان خريجيها يشغلوا المناصب الدبلوماسية وقتها "كلية الحقوق".
-        طيب إندهلى "مرسي" يشيل لى الشنطة للقطر .
-        حاضر سيادة المدير تروح و تيجى بالسلامة . كان الشاب ابن الناس يتحدث بطيبة تنم على اصله الطيب بينما "مرسى"كل ما به يدل على "عفونة نفسة و عطانة اصله" .
-        خرج "رؤؤف افندى" يضغط على زر يستدعى به فراش المكتب الذى دخل يبتسم ل"رؤؤف" أفندى يقل له فى إبتسامة رضا لتعامله مع صاحب الوجه البشوش :
-        أٌُمر سعادة البيه ؟
-        أنا لسة افندى يا عم "جميل" البهوية لسة كتير و يا عالم لو خدتها و الا لا ؟ ههههههههههههههههههههههه .
-        يا سيدنا البيه البهوية بالأصل الطيب و الإبتسامة الراضية و المعاملة الحسنة مش بس بالإنعامات الملكية . و حضرتك فى نظرنا كلنا بيه ابن بيه حفيد باشا و ديه الحقيقة سعادة حفيد الباشا .

-        ربنا يكرمك ده من اصلك الطيب عم "جميل" . و دخل جميل إلى المدير يحمل الشنطة ليضعها على الرصيف بجوار المقعد الذى جلس عليه المدير "كنافة" جلس بجانب المقعد على الأرض ليضع "سيد كنيش" ساق على ساق فيضع حذاءه فى وجه عم "جميل" و يشم "جميل" الروائح المنبعثة من حذاء "كنيش" . يقوم "جميل" ليجلس الناحية الأخرى فيزعقله "كنيش" يصرخ فيه قائلاً :
-        إرجع مكانك أنا عايزك فى المكان ده .
-        يا "سيد بيه" أصلى .
-        أصلك ايه و فصلك ايه ؟ انت لا ليك اصل و لا فصل إرجع مكانك و يرجع "جميل" مكانه يدعو فى سره على "كنيش و يتذكر كيف بدأ "كنيش" حياته معهم لا يجد قوت يومه لكنه وصل بأفعال لا يرضاها احد على نفسه حتى أصبح مدير فى السكة الحديد . و ظل يتذكر تلك الأحداث حتى أتى القطار يسبقه دخانه و بخاره الرهيب و إنتظروا حتى توقف القطار تماماً و دخلا إلى القطار كان كل "الكمسارية" يعطون التحية ل"كنيش" حتى دخل إلى العربة التى بها مقعده و جلس فى مقعده و وضع "جميل" شنطة السفر فى مكانها و خرج هاربا يشعر كما لو كان هارب من "إبليس جهنم الحمراء" . كان كل الكمسارية يتجنبون هذا الوحش المخيف فلقد ذاقوا ويلاته عند ركوبه القطار فبدلاً من ان يقوم بصرف مكافأت لهم يقوم بعمل خصومات دون أن يمر على العربات فهو يستمتع بإيذاء البشر ربما يعود ذلك لحياة عاشها وسط خدمته لأحد الكبراء فى البلد و قد كان يستعبده ايّما إستعباد و يستمتع بأن يجذبه من أنفه حتى توسل له بقوله أن يجذبه من أذنه بدلا من أنفه الذى أصبح يدمى كثيرا فإستبدل جذب الأنف بضرب القفا مما كان يشعره بالضألة الدائمة حتى بعدما اصبح ضخم الجسد عريض المنكبين أخرج كل عقده السابقة فى من هم أقل منه حجماً و وظيفة فما يفعله كان عبارة عن إسقاط لسقوطه القديم ضحية لضحية سابقة . جلس يضع رجل على رجل أخرج سيجار الذى أعطاه له جناب مدير مكتب وكيل الوزارة حيث كان يريد تعيين أحد معارفه فى مكتبه و هذا المعرفة كان "صبى عالمة" ساقط إبتدائية لكنه "صبى الست المتسيطة" فيجب تعيينه و فعلا عينه فى احد المكاتب لقطع التذاكر . كل شئ يسير بتلك الطريقة فلا احد يستطيع الوقوف فى وجه ذلك الوحش الفاسد الذى إستولى على ورث أرض زوجته و لكنه أمامها يقف كخادم ذليل و فى غرفة النوم يكون الأمر أكثر فهى تلعب دور الرجل و هو العبد الذليل الذى يقبل رجلها فى ذل و هوان و يفعل كل ما تأمره برغم أنهم فى الخارج يظنه القوم هو السيد العظيم و هى المسكينة مكسورة الجناح كان الأمر لعبة يمارسها كلاهما على الناس و على أنفسهما و لكن مالنا مرة أخرى ذهبنا فى أحاديث و أخبار جانبية دعونا نكمل ما بدأناه من قصة "كنيش" و العلاقة الأثمة . كان يجلس فى مقصورة خاصة بكبار رجال الدولة و لأنه لا يوجد سفر لأحد عظماء البلد فى ذلك الوقت فقد تم تخصيص المقصورة لحضرة المدير العظيم الذى هو فى الأصل خادم ذليل لأحد السادة الأجانب . المهم جلس يضع رجل على رجل لا يشعر بالرائحة الكريهة المنبعثة من قدمه و قبلها من جسده كله المهم تحرك القطار و هو جالس يفكر في زوجته فقد كانت فكرة إذلالها له تلعب بتفكيره فهو يعد الساعات يريد أن يعود إلى حضنها لتمارس ما تفعله معه من إذلال غير طبيعى فى غرفة نومهم المغلقة بينما أمام القوم نراه السيد المسيطر . و فجأة تم فتح باب المقصورة بعنف و دخلت فتاة قصيرة الشعر تعجب و نظر لها محدقا فى وجهها فوجها تنظر له فى ذل و إنكسار فقال لنفسه :
-        هى ديه اللى حألعب عليها الدور اللى بتعمله علية مراتى . و نظر لها كان جسدها مغرى بشكل غير عادى فهو ممتلئ شهى نظر لها نظرة رغبة فبادلته النظر فى إنكسار و قام و نظر لها و امسك كتفها فى غلظة و سألها :
-        إنتى مين و إزاى دخلتى هنا ؟
-        أنا خدامتك يا سعادة البيه .
-        خدامتى ؟ ! إزاى ؟ ؟ ؟
-        أنا ركبت القطر مع واحد من قرايبنا اللى عايز يوصلنى أخدم فى بيت واحد من الكبار فى البلد و أنا بنت ناس يا سيدنا البيه . قالت هذا و هى تقترب منه فى إغراء و وضعت يدها على صدره فقال لها فى رغبة :
-        ما تخفيش يا . . . ؟ إنتى إسمك إيه ؟
-        ناهد يا سيدى .
-        ناهد . قالها و هو ينظر لجسدها و قال فعلا ناهد قوى فأمسكت ساقه فقال لها :
-        لا الكلام ده مش دلوقت .
-        كلام إيه يا بيه ؟ ! إنت فاكرنى إيه ؟ أنا بنت ناس شريفة و فجأة تحولت نبرة صوتها إلى العلو و إستكملت قالة فى عنف : لا يا عمر لو كنت فاكرنى من إياهم يبقى متشكرين مش عايزين حاجة من وشك العكر كفاية مستحملة ريحتك المقرفة و شعرك الكنيش و دقنك المنبتة من ساعة ما دخلت إنت إيه يا راجل إنت ما حدش قالك على الحموم قبل كده يالا سلام و خرجت و جذبت الباب خلفها . جلس "كنيش" متعجب من ذلك الموقف كان القطار قد توقف فى "بنى سويف" و رأها تسير بصحبة افندى تبدو عليه سيم النصب و تضحك معه بشكل يبدو صوتها فيه مرتفع فجأة تحسس "كنيش" جيبه الذى يضع فيه محفظته فلم يجدها و عرف أنه وقع فى مقلب لصوص محترفين و خرج يهرع عبر الأبواب و إستطاع النزول على رصيف المحطة فماذا سيفعل فى "بنى سويف" و هو لا يملك أى مال و ليس لديه أى معارف هنا . . .
هذا ما سنعرفه فيما بعد إلى اللقاء فيما بعد مع "سيد كنيش"

  محمد أحمد خضر       
          
+2 0122 312 8543

+2 0101 456 1217

+2 0114 955 5927