الثلاثاء، 26 مارس 2013

رسائل البحر


رسائل البحر







مقدمة :
أولاً و قبل أن نتجول معاً خلال ذلك الفيلم أقول لكم أصدقائى إننى أخذت وقت طويل جداً للخروج بالعرض النقدى النهائي لذلك العمل الرائع ، فحين أبدا بعرض نقدى لفيلم ما فإننى أختار الفيلم الذى يمس و يعبر عن مشاعر أكبر قدر من الأشخاص الذين قابلتهم و تعرفت عليهم أو يكونوا مروا فى حياتى بالصدفة و لكنهم تركوا لدىّ إنطباع عنهم ، و أمام هذا العمل الأكثر من رائع توقفت كثيراً أمام كل ما يقدمه من مشاعر و أحاسيس غير عادية ، فهو وجبة دسمة مليئة بالمشاعر الغير إعتيادية ، فهو ينقل لنا مجموعة أحداث لشخصيات متباينة تلتقى فى مكان واحد نحبه و نعشقه و المكان هو "الأسكندرية" تلك المدينة التى كانت "ميتروبوليتان الكون" منارة الحياة الثقافية و الفنية و العلمية للعالم كله .
و قد وقفت فى حيرة شديدة ، أفكر و أتامل من أين أبدء تقديم تلك القطعة الفنية الرائعة "الفيلم السينمائى رسائل البحر" ، و كان أشد ما يشغلنى هو طلب العديد من الأصدقاء الذين شاهدوا الفيلم - بناء على ترشيحى - أن أسرع فى تقديمى لذلك العرض النقدى ، فقد تناقشنا و كانوا فى كل مناقشة يرغبوا فى أن أقول رأيي ، و لكننى كنت أقول لهم إننى سأعرضه كتابةً ، فشاهدوا أصدقائى رؤيتى الشخصية و عرضى النقدى على تمهل فربما يعنى أشياء كثيرة ، ربما قد يؤدي إلى تغيير فى طريقة تعاملى الشخصية مع شخص كنت أنظر إليه بلا مبالاة أو شخص أخر أمر به دون أن أشعر بوجوده ، ربما يعنى أن يشعر كلنا بالأخر ، تحياتى لكم و الأن إلى الفيلم .
رسائل البحر
إخراج داود عبد السيد
إنتاج 2010
مدير تصوير : أحمد المرسى
مونتاج : منى ربيع
موسيقى      : راجح داود
الديكور : أنسى أبو سيف
الصوت       : جمعة عبداللطيف
جرافيك : عطية أمين
الأبطال :               
آسر ياسين        "يحي"
بسمة               "نورا"
محمد لطفى              "قابيل"
سامية أسعد     "كارلا"
دعاء حجازى   "ريهام"
مي كساب        "بيسه"
نبيهة لطفى     "فرانشيسكا"
صلاح عبدالله  "الحاج هاشم"
كالابالا           " البارمان"
أحمد كمال       "محمود"
الرؤية النقدية :
سنتجول معاً فى انحاء الفيلم فى كل أرجاءه لنصل معاً لما سنصل إليه فى النهاية وهو ما يريد الفيلم قوله لنا ، فالفيلم به رؤى عميقة تتجول بهدوء و نعومة داخل النفس لتخرج لنا ما تود كل نفس قوله ، سنعرض لكل شخصية من الشخصيات الرئيسية فى الفيلم ، نعرض لعلاقتهم ببعض و ما يريد الفيلم توصيله لنا ، و فى النهاية نتعرض للتكنيك السينمائى الخاص بالفيلم وهو طريقة توصيل الفكرة لنا ، و ذلك دون الخوض فى تفاصيل قد ترهق القارئ .
القصة و الشخصيات : - يبدأ الفيلم فى "الآفان تتر" برحلة زجاجة فى البحر لا ندرى من أين أتت ولا إلى أين سوف تذهب ، تقع فى شبكة صياد و كما لو كان يظن أن  عفريت من شياطين الجن هو الذى ألقاها عليه يمسكها و هو يتمتم للحفظ منها ثم يلقيها مرة اخرى إلى البحر ، لتأخذنا الكاميرا إلى شخصية "يحي" (الفنان آسر ياسين) و هو طبيب يعانى من مشكلة فى النطق حيث ينطق الكلمات بصعوبة "التلعثم" أو"التهتهة" ، يقرر ترك فيلا والده فى القاهرة و يذهب إلى الأسكندرية ليعيش فى شقة "إيجار قديم" تخص العائلة ، حينها يحضر أخو "يحي" أو قريبه إلى الفيلا ليرى ماذا سيفعل  بالنسبة لحياته فيدور بينهما حوار ينتهى بتلك الكلمات التى أرى أنها تعطى ملخص لرؤية "يحي" الحياتية .
يدور هذا الحوار بين "يحي" وقريبه أو أخوه :
-        أنا حأقفل الفيلا و أروح أقعد فى اسكندرية .
-        عندك حق البيت بقى كبير عليك .
-        العالم هنا بقى صغير أوى عليا .
-        مش فاهم قصدك .
-        أنا طول عمرى قاعد فى البيت ، عمرى ما كان عندى حياة خاصة يقول ذلك وهو يغلق البيانو إشارة لمدى إرتباطه بالموسيقى فهى ما يرتاح معه و له فهو يحادثه دون ان يسخر من "تلعثمه" . ثم يحادث نفسه و هو يودع أخوه أو قريبه و معه زوجته و أولاده :
-        دايماً بأسئل نفسى إمتى إبتدت الحكاية أو الأحداث اللى عشتها ، هل فيه بداية محددة ؟ ، وألا الحدث نتيجة إختيار و قرار ؟ و الإختيار بيتولد من اللى قبله و يودى للى بعده ، يمكن الحكاية إبتدت من لما بقيت وحيد من غير علاقات أسرية أو إجتماعية من غير أوامر ونواهى وتوقعات ، من غير لوم أو تشجيع أو حتى توجيه ، من غير قيود أو خطوط لما بقيت وحيد و فى نفس الوقت بقيت حر . نشاهده يقول تلك الكلمات الأخيرة و يفتح الشباك و أمامه البحر الأزرق الصافى و الستارة البيضاء تندفع من الرياح الطيبة و يكمل قائلاًً :
-        يومها لما شفت البحر حسيت إنه بينادينى ، يمكن ده السبب اللى خلانى أتحول من "طبيب عاطل" ل"صياد سمك" و الا كنت جايز بأحاول أشغل وقتى ، بس المؤكد إنى كنت بأحاول أزود دخلى القلّيل عشان أقدر أعيش حياة متقشفة .
-        هنا تنتهى كلمات "يحى" و التى نشعر بها أن الفيلم سيكون سرد لحياته التى عاشها فهو سيقص علينا قصته و لكن برؤيتنا نحن . نرى"زرقة البحر" و هو ما ينبا بولادة حياة جديدة للطبيب العاطل . ففى الأسكندرية حيث تمتلك إسرته شقة إيجار قديم أى إن إيجارها الشهرى جنيهات بسيطة ، يقابل جارته الإيطالية ("كارلا"الفنانة سامية أسعد) و (أمها"فرانشيسكا"الفنانة نبيهة لطفى) و نرى علاقتهم الطيبة ب "يحي" ، و نعرف أن مالك العمارة الجديد "الحاج هاشم" (الفنان صلاح عبدالله) يرغب فى إعطاءهم مال ليتركوا العمارة و يتقابل"يحي" مع "نورا"(الفنانة بسمة) ، و يقع كلاً منهما فى غرام الأخر فى رحلة بحثه عن ذاته ليجدها فى علاقته و حبه للأخر . يقابل "يحى" "كارلا" جارته الإيطالية الجميلة و التى يبدوا إنه كانت هناك علاقة لطيفة فيما بينهما –مثلنا جميعاً- فمن منا ينكر إن أول علاقة عاطفية كانت بينه و بين بنت الجيران- ، و يبدوا ذلك من طريقتهم على السلم و الحديث اللطيف بينهما ، و الذى يتحول إلى قبلات ساخنة محمومة بينهما فيرغب كلاً منهما فى الأخر بشدة ، يذهب "يحي"إلى البحر للصيد و نجده يصطاد بالصنارة مثله مثل الشباب المتواجدين على الكورنيش فالكل يصطاد لا من أجل قضاء وقت فراغ بل من أجل أن يبيع ما يصطاده ليقتتات فى مجتمع أصبحت فرص العمل فيه قليلة بل تكاد تكون معدومة ، نجد "يحي" يبيع ما يصطاده إلى البائعين فى "حلقة السمك" ، و بالليل يسير بلا هدف محدد ليذهب إلى "خمارة" و لأنه لأول مرة يشرب فنراه يشرب بلا دراية بطريقة الشرب التى لا تؤدى لما سيحدث له فيبدأ فى تكرار تناول كاسات الخمر بسرعة حتى يشعر بالإنتشاء و يقوم ليخرج ما به من نشوة فى الغناء فيقع مغشياً عليه ، نرى فى الخلفية شخص قوى البنيان يتجرع كاسات الخمر دون أن يكون سعيد نشعر إنه يريد أن ينسى شيئاً ما ، و حين يقع "يحي" مغشياً عليه يستيقظ ليجد نفسه نائم على سرير فى غرفة أعلى سطح عمارة و يرى فى الناحية الأخرى من السطح ذلك الشخص الذى كان بالبار يضرب باللكمات فى "السندباك" بقوة و عنف . يخرج "يحي" و يمارس حياته العادية و فى الليل يذهب إلى "البار" و يسئل "البارمان" عما حدث بالأمس ، نجد ذلك الشخص يعطيه زجاجة "خمر" من النوع الرخيص"مثل كل الخمور الموجودة فى ذلك "البار" ، فهى "خمارة" من خمارات الأسكندرية فى أحد أحياءها البسيطة و ليست "بار" فى أحد فنادق النجوم الخمس . و فى مسيرة "يحي" يسير بجوار إحدى الفيلات الأنيقة تنجذب إذنه لصوت موسيقى جميلة تنبعث من عزف رائع على البيانو فيبدا ينتشى و يصرخ من الإستمتاع فى نشوة عالية المشاعر ، و هنا تلقى الشرطة القبض عليه ليقضى ليلته فى التخشيبة ، و فى الصباح يحضر إليه ضابط البوليس الشاب ليقول له لماذا إبن ناس مثله يتهجم على بيوت الناس و لما يقل له اصل الموسيقى يقل لع فى سخرية "إنت لسه سكران و الا إيه؟" ، و يفرج عنه لأن أصحاب الفيلا قد تنازلوا عن البلاغ ، يعاود "يحي" متابعة حياته اليومية المعتادة و يسير ليذهب إلى الفيلا ليجد أن الموسيقى قد توقفت ، فيسير فى حماية مظلته من مطر الأسكندرية الغزير نرى فتاة تمر بالقرب منه تحاول الإحتماء من المطر بملابسها و تعود أدراجها إليه تستأذن منه أن تحتمى معه تحت المظلة ، و فى الطريق يصلوا إلى منزله فيقول لها متردداً تحبى تطلعى معايا ، توافق متعللة بأنها ستصعد حتى تجف ملابسها ، و فى الأعلى تجلس تستدفأ بنار المدفأة بعد أن خلعت الملابس المبللة ، و حين يحين وقت النوم يقول لها فيه غرفة نوم لو تحبى تنامى فتقولوا حأنام هنا و فى الليل تذهب له فى غرفة النوم فيقول لها يظنها من "بائعات الهوى" - فى مشهد أضحكنى و أبكانى و كان هذا هو الحوار الذى دار بينهما يساومها على المال :
-        حضرتك عايزة كام ؟
-        تهز راسها لا تجيب متعجبة مستفسرة .
-        ينفع عشرة جنيه و تاخدى بالباقى سمك .
-        ماشي . و تبدا الأجساد المشتاقة أحدهما للأخر فى الإلتحام .
لم أستطع تمالك نفسى من الضحك .
أبكانى المشهد و أضحكنى لعدة أسباب :
إحساسى منذ البداية إنها هى من تعزف البيانو و إنها هى من ذهبت لتخرجه من الحجز ، و تتبعته رغبة منها فى شئ لا تجده فى حياتها . فهى ترغب فى أن تشعر إنها إنثى لا يرٌغب فى جسدها فقط بل فى قلبها و هو الأهم و هو الباقى فبالرغم من إنه يظنها عاهرة"مومس"إلا إنه يحبها و هى لم تنف هذا عن نفسها فهى تشعر بالعهر مع زوجها ، و هذا ما سنراه فى المشاهد بعد قليل و كيف كانت نظرتها لأطفال الشوارع و نظرتها لزوجها الذى إشتراها من فقرها ليستخدم جسدها بعيدا عن زوجته الأولى التى تقطن مدينة أخرى .
و حينما قامت بعد علاقتها مع زوجها و التى لا يهمه فيها إن كانت إستمتعت أم لا ؟
كل ما يهمه رغبة أطفئها فى جسدها ثم يصفعها !!!؟
أى رجل هذا الذى يصفع إمراة ؟
و من هنا نشعر بحب "نورا" ل "يحي" .
و نتتبع الأحداث لنرى الشخصيات : فنرى "قابيل" الذى يعمل "بودى جارد" فى إحدى الكازينوهات و الذى لديه مأساة خاصة حيث ضرب شخص ضرب أدى لوفاته و لا يزال يذكر نظرة عين القتيل و هو "قابيل" يعانى من ورم بالمخ و لإستئصاله سيفقد الذاكرة و هو يخشى ان يقتل شخص أخر و نشاهد معاناة "نورا" ما بين زوجها الذى يعاملها كمتعة و جارية إشتراها لرغباته الحسية و ما بين الحب الصادق فى حياتها و التى لا تستطيع ان تكون له لظروفه و ظروفها فكلاهما لا يستطيع الإرتباط لعدم وجود أى عائد ثابت لهما . و نرى "يحي" يذهب للبحر ليصطاد و يبيع صيده ليحضر ما يحتاجه و لكنه يسقط مغشيا عليه فى مدخل العمارة و كان مشهد صراخه للبحر روعة يعبر عن حال ناس كثيرين ، هو ما بيكلمش البحر ، إنه يكلم من يراه مسئول عن حاله الذى هو فيه و هو يقول "جتلك و انا مش محتاج إدتنى رزق دلوقت جايلك و أنا جعان بتبخل عليا . ده ظلم ده و ألا فوضى ؟"
،  و نرى حياة الشخصيات فى الفيلم حتى مشهد النهاية حيث يهرب "يحي" و "نورا" من البواب و من معه إلى قارب و تلقى "نورا" نكتة عن "التهتهة" فيضحك "يحي" و تنبهه "نورا" أنه لا يتهته لقد كان كل ما يحتاجه حب شخص يحبه بلا حاجة منه يحبه لشخصه بعيوبه و نواقصه و كل ما يميزه فهو و هو الذى يحتاج كل قرش يستلم إيراد يجار الأرض ليضعه كله بين يدى حبيبته برغم انه يظنها "عاهرة" فالحب بينهما متبادل و لذلك فقد نجحا فى إحتواء احدهما الأخر .
الشخصيات و أسماء الشخصيات : الشخصيات مركبة و الأسماء حيادية جداً و لها ما تعنيه :
-        "يحى" الإسم يأخذنا لنتذكر "النبى يحي" "يوحنا المعمدان" و قصته الشهيرة مع سالومى هذا المسالم الذى يحب الجميع و برغم ذلك فقد وقع فى مكيدة "سالومى" و "أمها" و "الملك" و لكنه فاز فى النهاية برغم كل شئ . كما "يحى" فبرغم كل ما مر به ينتهى الفيلم و قد عاد إلى نفسه.




-        "نورا" : الإسم يعنى الكثير فهى النور فى حياة البطل"يحي" فهى من قادته إلى الحياة مع ذاته و التأقلم على ظروف حياته و التعايش مع أمر التهتهة . دورها اكثر من رائع و لنرى نظرتها لأطفال الشوارع و كلماتها "كنت ممكن ابقى زيهم" و حين نزول الدماء على ساقيها بعد تخلصها من جنين ترفضه لأنه ممن يعاملها ك"عاهرة" . و هى "النور" الذى أضاء له الطريق فى نهاية النفق المظلم فمعاً وصلا إلى سر الوجود "وجودهما" . هى ليست عاهرة بل لديها رغبات الأنثى ترغب فى أن تشعر إنها إنثى لا يرغب فى جسدها فقط بل فى قلبها و هو الأهم بالنسبة لها و هو الباقى و برغم إنه يظنها عاهرة "مومس" إلا إنه يحبها و هى لم تنف هذا عن نفسها فهى تشعر بالعهر مع زوجها .
و حين يدور الحوار بين "يحي" و "نورا" :
- أنا حامل .
- تحبى نتجوز ؟
- حتتجوز مومس ؟
- يشير لها براسه بالإيجاب .
و تقول الراجل الوحيد اللى قبلنى زى ما انا كان عندى حالة إكتئاب لإنى كنت شايفة نفسى زى ما هو كان شايفنى "مومس" .
-        "قابيل" من منا لا يذكر أول جريمة فى البشرية و مع ذلك ف"قابيل" يرفض أن يجرى الجراحة حتى لا يفقد الذاكرة و يكررها ثانية "قتل أخيه فى الإنسانية" .
-        "الحج هاشم" الإسم واضح بشدة فهو المال القادم من خلف البحر من "شبه الجزيرة" يريد التحكم بشراهة فى كل شئ بلا فهم و لا إدراك لمعانى الجمال و الفن . و هو الذى يريد شراء البيت و لا يهمه التماثيل القديمة التى تطل من واجهته تدل على الأصالة و التى تذكرنى بتماثيل "كنيسة نوتردام" فى "باريس" ، فالأمر بالنسبة له تجارة و لا يعنيه غير المال و حين نرى البسطاء الطيبين يصطادوا السمك بالسنارة يصطاده هو بالديناميت ، لا يهمه قتل الأحياء البحرية فهو شخص لا أخلاقى يفجر الديناميت ليقتل السمك ثم يطفو السمك على سطح البحر فيجمعه بشبكة مثل شبكة صيد الفراشات ، و يغريه فى البداية إنه سيعطيه مقابل شقته شقة أخرى و حين يفشل يسلط على "يحي" "بواب العمارة" ليضايقه و الذى يحضر معه بلطجية لمناوشته . و "الحج هاشم" لديه "سوبر ماركت" ليدل على الشخصيات الإستهلاكية الغير منتجة الغير نافعة للمجتمع .




-        "كارلا" : الإيطالية الجميلة جارة "يحي" و التى نراها تقبل "يحي" فى شوق و رغبة ثم نراها فى لقطات مع "ريهام" الفتاة التى حضرت لها لتصنع لها فستان فنكتشف إنها شاذة و ترغب "ريهام" فى علاقة مع "كارلا" ثم نراهما معاً فى شقة "يحي" يراهم فى أحضان بعض و يتركهم لحالهما و ينصرف و نرى فى بداية تعارفهما "كارلا" و مشهدها مع "ريهام" فى الأتيليه و هى تقوم بتصويرها ثم خروج "ريهام" دون أن ترتدى الفستان تكتفى بان ترتدى الفرير أسفله ملابس داخلية مثيرة و يتفقان على موعد . بالنسبة لمشاهد علاقة الليزبيان "السحاق" سيقول القائلين مثلما قالوا على "حين ميسرة" لا يوجد مثلهن و أقول توجد كثيرات جداًً أكثر مما تتخيلوا ربما لم تسمح لكم ظروفكم بمقابلتهن و لكنهن موجودات و لا تستطيع ان تكرههن فخلف كل واحدة تكمن قصة بشعة لن تصدقها إلا إذا عشتها بنفسك معها و تأكدت فى باقى احداث الفيلم من ذلك بل ستجد خلف كل واحدة منهن قصة تمزق أوتار قلبك ، بل و ستجد نفسك تتعاطف بشدة معهن بل و حتى تقع فى عشقهن مثلما حدث ل"يحي" فى الأسكندرية . و من الأفلام السينمائية التى تعرضت لتلك الشخصيات فيلم "الحب تحت المطر" و الذى قدم شخصية بشكل واضح جداً و هو قصة الأديب "نجيب محفوظ" و قدمت كذلك فى فيلم "جنون الشباب" كشخصية واضحة و كانت كلمحة عابرة فى فيلم "زائر الفجر" و فيلم "المذنبون" .
-        "بيسة"قطعة حلوى تستمتع بحياتها و تريد الدخول فى علاقة عاطفية تريد أن تشعر بإنوثتها مع رجل و هى التى تساعد "قابيل" و تحفظ كل الشخصيات التى مر بها فى حياته حتى تذكره بها بعد العملية الجراحية .
-        الرسالة : تلقاها من البحر بعدما ثار عليه قائلاً له "ده ظلم ده و ألا فوضى ؟" و هى التى ألقاها الصياد حين وقعت فى شبكته لإنه ظنها أتية من عفاريت البحر و حين أخذها "يحي" حاول ان يعرف بأى لغة هى مكتوبة ، و هو كطبيب دارس للإنجليزية و لإن أهله من الطبقة الراقية فقد درس الفرنسية و بالتأكيد يتحدث و يقرأها بحرفية عالية مثل أبناء الطبقة الراقية ، و لدراسته الطب فهو دارس و ملم باللاتينية فالرسالة غير مكتوبة بأى لغة من تلك اللغات و من خلال صديقه "قابيل" الذى يساعده فتعبر الرسالة على كافة لغات الكون المجتمعين فى "الأسكندرية" فهى ليست ب"الروسية" أو "الجورجية" أو "الأرمينية" أو "الإيطالية" و لا حتى "اليونانية" ، الرسالة بشفرة خاصة الرسالة مرسلة له لتقل له "إقبل نفسك كما أنت و إستمتع بحالك" ، و هنا نرى طبيعة "الأسكندرية" التى بها كافة أجناس البشر من كل بلاد العالم فهى تقبل الجميع و تحتضن الكل و لا ترفض أحد . و يقدم لنا الفيلم ("قابيل" الفنان محمد لطفى) و رفضه لعمل جراحة فى المخ لأنها ستجعله يفقد الذاكرة و هو لا يريد ان يقتل أحد فلقد قتل من قبل دون ان يقصد و لا يزال يذكر نظرة عين القتيل .
-        التكنيك السينمائى :
-        إحساس بالإيقاع المتناغم فى كل حركات الكاميرا .
-        المونتاج هادئ و مناسب لإيقاع الفيلم و الإحساس المطلوب إيصاله للمشاهد .
- جرافيك عطية أمين أعطى المعنى الذى اراد فنان الفيلم إيصاله خصوصاً فى مشهد الفراشات .
-        الأداء ممتع و بسيط .
-        بسمة رائعة .
-        محمد لطفى قام بإيصال مشاعره ببساطة .
-        آسر تحفة فى هدوء محبب و خصوصاً فى مشهد صرخاته للبحر .
-        الموسيقى أوصلت لنا المعانى و الأحاسيس ببساطة .
-        أُنسى ابو سيف المدير الفنى أحتاج لعدة اسابيع لأكتب عنه .
-        الرائع المايسترو داود عبد السيد الكيت كات و أرض الحلام رؤى ذات مشاعر عالية مخرج تشعر معه بعمل المخرج السينمائى حقاً
الفيلم عشت كل أحاسيسه فيلم ليس عادي قمة المشاعر أكثر من رائع
بضع جمل أعجبتنى فى الفيلم :
-        ينفع عشرة جنيه و تاخدى بالباقى سمك "يحي يحادث نور"
-        أنى زى خيال الماتة اللى بيخوفوا بيه العصافير "قابيل"
-        خلى الكلام عليا و الفعل عليك "بيسة تحادث يحي"
ملاحظات عابرة :
-        "يحى" حينما يتم إحتضانه فى حب و ود يتوقف عن التلعثم
-        فرانشيكا تقول ل"يحي" عارف يا يحي بيتنا بقاله كتير ما كنش فيه موسيقى و رقص يعنى أحضر البهجة معه .
-        "يحى"ما بتهتهش و انا بأتكلم مع نفسى بأتهته بس و أنا باتكلم مع الناس انا مش عايز أتكلم مع نفسى عايز اتكلم مع الناس ووقت ثورة البحر يقف فى مواجهة الأمواج العاتية و يصرخ قائلاً للبحر جيتلك و أنا مش محتاج و إديتنى رزق دلوقت جيتلك و أنا جعان و بتبخل عليا ده ظلم ده و ألا فوضى ؟
-        مشهد "كلارا" مع صديقتها فى السرير و كلامها عن يحي .
-        "نورا" تحضر إليه و هو يحاول فك شفرة رسالة الزجاجة و تقول له إنها يمكنها أن تنام فى أحسن أوتيل "سيسيل" "السلاملك" "سان جيوفانى" بس عايزة ابقى معاك .
-        نكتة التهتهة مع "نورا"  فى البحر و الشعور بالحرية و تنبهه إنه لا يتهته .
-        "نورا" و هى حين تجلس فى المقهى و تنظر لأطفال الشوارع و تقول ساعات كنت بأفكر إنى كنت ممكن ابقى زي دول و كنت باصبر نفسي و كلامها عن يحي
-        غير كل اللى أعرفهم .
-        مجرد مغامرة .
-        شربة ميه وسط العطش .
-        تجربة فى حياة ما بقاش فيها تجارب .
-        حوار بين "يحى" و "نورا"
-        إنتى بتشتغلى مو مو مو . . .
-        "مومس" و ده مضايقك إنت لازم تقبل ده لإن ديه الظروف ديه الدنيا .
-        فى النهاية نجد البطل "يحي" قد تحرر من قيود كانت عليه ، و هنا نحن نعلن رفضنا لأى قيود .
مع الأخذ فى الإعتبار إن كل نفس مهما كانت بها بعض التحولات و ياخذنا الفيلم إلى شئ هام جداً ، و هو أن المنظر الخارجى لا يعبر كلية عن داخل الإنسان ،فلا تنخدع بالمظهر و تامل فى الجوهر .

تحياتى لكم أصدقائى و إلى لقاء قريب. . .
                                 
                               محمد أحمد خضر

+2 0122 3128543

+2 0102 4144107

+2 0114 9555927