الأحد، 2 يناير 2011

الدراما والجوقة "الكورس"






الدراما
عندما نتناول أى عمل فنى فنحن نقول عنه "عمل درامى" و كلمة دراما تعنى عند الكثيرين "التراجيديا - المأساة" ، و لكنها لا تعنى هذا بالمرة و لكنها تعنى ((action حدث أو فعل بمعنى إنها تعنى الأحداث التى تدور فى العمل الفنى أياً كان نوعه فكل عمل فنى هو عمل درامى يكون إما "تراجيدى-مأساة" أو "كوميدى– ملهاة" لكن ربما و أقول ربما لإرتباط الدراما بأعمال الشعراء الأغريق الذين تخصصوا أكثر ما تخصصوا فى الأعمال التراجيدية أكثر من الكوميدية هو ما جعل كلمة "دراما" أكثر إرتباطاً بالمأساة .
مقدمة عن الدراما الأغريقية
لا يعرف أحد من كتب أول مسرحية فى التاريخ تحديداً ولكن البداية الحقيقية نسبياً هى بداية المسرح في بلاد اليونان خلال القرن الخامس قبل الميلاد . ففي عام 535 ق.م فاز "تيسبس" في أول مسابقة تراجيدية .
وقد قدمت لنا (أثينا) أربعة من أكبر كتاب المسرح فيما بين القرن الخامس والرابع قبل الميلاد وهم "إسخيلوس" و "سوفوكليس" و "يوربيديس" و "أرسطوفانيس" .
و إذا كان الرقص هو النواة الرئيسية لفن المسرح أو الدراما فالتاريخ يقول لنا أن الإحتفالات كانت تقام في الطرقات حيث يلتف العامة حول مقدمي تلك العروض الراقصة وهؤلاء العامة من يمكن أن نطلق عليهم "الجوقة" والراقصين من يمكن أن نطلق عليهم "الممثلين" مع الأخذ في الإعتبار عادة إرتداء "الأقنعة" في تلك العروض والتى كانت تستخدم أيضاً في الطقوس الدينية .
نشأت المسرحية والدراما من الإحتفالات وأعياد الإله "ديونيزيوس" .

كان "إسخيلوس" 456-525 ق.م. أول الكتاب المسرحيين العظام من محاربي معركة "ماراثون" و "سلاميس" فكان يريد تقديم أفكار عظيمة وتجارب قيمة ليشرك فيها الناس ، فكانت مسرحياته بعيدة المدى عظيمة التأثير ويعتقد أنه كتب حوالى 90 مسرحية لم يصل منها غير سبع وهى
-     "الضارعات"
-     "الفرس"
-     "برومثيوس"
-     " سبعة ضد طيبة"
-     "مصاقدي"
-     "أورستايا" وهى ثلاث مسرحيات "أجاممنون" و" حاملات القرابين" و "ربات الإحسان المنعمات".
*سوفكليس 406-496 ق.م. فحياته كانت أقل إثارة من حياة "إسخيلوس" إلا أنه عند بعض الأراء أعظم منه ككاتب مسرحي وكاد يبلغ في حياته الخاصة وفي أعماله مرتبة الكمال حيث ظلت مهاراته الحرفية معياراً للكتاب المسرحيين ومثلاً أعلى لهم طوال 25  قرن تقريباً حيث إتسمت أعماله بالعمق في التفكير والثراء في التعبير والحنكة في صناعة التوتر المسرحي وإثارة التهكم الدرامي وكذلك بقيت لنا من أعماله سبعة مسرحيات وهى:
-     "أوديب ملكاً"
-     "إلكترا"
-     "أوديب" في كولون"
-     "أجاكس"
-     "أنتيجون"
-     "الترلفيان"
-     "فيلوكتيس" .
ويرى الكثيرون أن "أوديب ملكاً" هى أكمل مسرحية كتبت على الإطلاق في المسرح منذ نشأته وحتى الآن وقد عدها أرسطو نموذجاً للكثير مما تعرض له في كتابه النقدي "فن الشعر" وقد إمتدحها خاصة حبكتها المتشابكة وأحداثها المترابطة واضحة الدوافع .
*يوربيدس 406 – 484 ق.م. و سنتحدث هنا عن الفرق بينه وبين " إسخيلوس" و "سوفوكليس".
كتب "إسخيلوس" عن الألهة حيث ولد في أسرة غنية وثرية لها قدر ومكانة وعاش أيام معركة "ماراثون" وقتها كانت "أثينا" مدينة شابة مليئة بالأمل وكان أساس الدراما عنده أن الإنسان ريشة في مهب الريح تتحكم به الأقدارالتي تصنعها الآلهة .
*"سوفوكليس" كتب عن الأبطال وقدرة البطل على تحديد مصيره والصراعات بين الألهة وأنزل الآلهة من عليائها فى "جبل الأولمب" لتتحاور مع البشر في الحياة والصراع وقد أدخل الآلهة في حياة البشر .
*"يوربيديس" كتب عن البشر وقدرتهم الخالصة حيث تخلص تماماً من تحكم الآلهة وأكد أن البشر هم من يتحكموا في حياتهم وأبتعد تماماً عن الفكر الديني فالإنسان هو من يتحكم فى قدره .
ومن أعماله
-"إلكترا"
- "ميديا"
-"النساء الطراوديات"
- "هيبوليتس"
- "أفجينيا في بوليس".
السمات الرئيسية في التراجيديا اليونانية هى:
1ـ ليس من اللازم أن تكون النهاية موت الشخصية الرئيسية.
والموضوع جدي له قدر وحتم .
2ـ تستغرق الواحدة من التراجيديات اليونانية ما يزيد قليلاً عن الساعة "فالإورسترايا" بمسرحياتها الثلاث تستغرق تقريباً الوقت الذي تستغرقه مسرحية "هاملت" أو "الملك لير" للكاتب الإنجليزى "وليم شكسبير" وقد تلقي الضوء على مشكلة الوحدات الكلاسيكية الثلاث
-     فوحدة الزمن تستلزم أن تقع الأحداث في يوم واحد
-     وحدة المكان تستلزم أن تنحصر الأحداث في مكان واحد .
-     وحدة الفعل تستلزم الا يكون في المسرحية غير حبكة مسرحية واحدة .
3ـ الجوقة تؤدي فيها دور كبير وهى تنفرد بالكثير من أجود الشعر في التراجيديات اليونانية بل سمح لها بالإشتراك في الفعل الدرامي وعمل مسئولية التعبير عن الكثير من الأفكار والآراء .
4ـ قصد الإغريق بالتراجيديا أن تؤدي لهم تحقيق "تطهير الروح" 'Catharsis" عن طريق الشفقة والخوف .


أما الكوميديا الإغريقية فقد كانت لها وظيفتها الخاصة حيث إرتبطت في أصلها بطقوس الخصب والتناسل البدائية وهو ما يفسر لنا الكثير مما نجده فيها الأن وتعد خروجاً عن حدود الأدب والذوق ولكن وظيفة الكوميديا قد تبدلت حين وصلت إلى أيدي "أرسطوفانيس" فجعل منها سوطاً قوي لمهاجمة الحماقات الإجتماعية والسياسية وأصبحت لا تختلف كثيراً في العروض الفكاهية المعاصرة وإن لم يكن "أرسطوفانيس" 388 – 450 ق.م. الكوميدي الوحيد في عصره إلا أنه كان بإتفاق الجميع أعظمهم وهو الوحيد الذي بقيت لنا من أعماله عدة مسرحيات في نصها الكامل وكان يمتاز ببراعة مدهشة وقدرة فائقة على الفكاهة والسخرية. حيث إنه لا يتردد أن يسخر من كل شخص ويتهكم على كل شيء ، وهو محافظ ، يجاهد في سبيل عودة الأيام القديمة ، وعدو للتقدمية والتجديد ، و معظم مسرحياته مثل :
-     "الضفادع"
-     "الدبابير"
-     "السحب" إستمدت أسماءها مما تمثله الجوقات فيها و كان لها دور كبير فيما تقدمه المسرحيات من بهجة ومرح .
إن أولى حفلات المأسي والملاهي قد مثلت في الأوركسترا وهى قطعة أرض ممهدة مستديرة الشكل في ميدان السوق ثم إنتقلت بصفة دائمة إلى حيث حدود معبد "ديونيزيوس" داخل الحرم المقدس على المنحدر الجنوبي لل"أكروبول" على أنه لم تكن الأرض مسطحة فكان لابد من إقامة حائط ساند عند أحد الجوانب وكان المشاهدون يتجمعون على سفح التل وينظرون عبر "الأوركسترا" فيرون فوق حافة الحائط الساند قمة معبد "ديونيزيوس" .
أولى مسرحيات "إسخيلوس" قدمت على هذه الصور المبسطة أما ما كان يلزمها من أكسسوار فكان يعد عند حافة السطح حسب مقتضيات كل مسرحية.
حوالي عام 465 ق.م أقيمت أول منصة خشبية صغيرة إستطاع المشاهدين أن يروها وبعد 40 عام أقيم أساس حجري متين لمبنى منصة حجرية ذات جبهة طويلة وجناحين متفرعين ولم تشيد في أثينا منصة حجرية كاملة قبل العصر الهيليني وأما أثار المنصة المحكمة المتقدمة جداً التي ما زالت باقية فيرجع تاريخها إلى ما لا يقل عن عهد "نيرون".
ـ كانت "الأشباح المقدسة" تستحضر من خلال نفق مصبه المنصة ولمثل هذا الممر أُكتشفت آثار بمسرح "اريتريا" عرفت بإسم "السلم الشاروني" وفي الأغلب إنه أُستعمل مبكراً منذ عهد "إسخيلوس" الذي عمرت أعماله بالأطياف .
كذلك فالمسرح الإغريقي عرف الدور الأعلى حيث قام بوظيفته المسرحية وهى إلقاء الخطب من شرفة أو أعلى جدار أو من برج مراقبة ، أما بين عهدي "إسخيليوس" و"يوربيديس" كان المسرح الإغريقي قد وفق إلى شتي إصطلاحاته سواء الخاصة بالجدار الخلفي أو بمختلف ملحقاته الثانوية وبدأ الطريق ممهداً أمام تطور بلغ ذروته في الأزمنة الرومانية حيث المسارح المحكمة والإخراج المتقدم.
*"إسخيلوس" لا يرجع إليه فضل تقديم المناظر المسرحية فقط ، بل هو من أدخل على المسرح الأزياء الخاصة بكل ممثل و هو من قرر ما كان مستخدم في عبادات "دينسيوس" " القناع" أو "الثوب ذو الكمين" أو "الحذاء العالي"  المستعار من ديانة عبادة الإله "ديونيزيوس" وقد تأثر الزي بالطابع الديني.
والمسرح كان يتجه نحو الزي القريب الذي ينقل المتفرج من عالمه إلى عالم مثالي . والذي كان يخفي الممثل تماماً من رأسه إلى أخمص قدميه بحيث يتحول إلى الشخصية التي يؤديها تماماً.
العروض المسرحية أصبحت تقدم في أثينا مرة في الربيع إحتفالاً بأعياد "ديونيزيوس" إله الخمر والسرور والبهجة .
وفي الشتاء كانت تقدم أمام جمهور عريض في مسرح "ديونيزيوس" الذي يستوعب سبعة عشر ألف متفرج وكان يتبارى في هذه الإحتفالات ثلاثة مؤلفين خلال ثلاثة أيام كل مؤلف يقدم في اليوم ثلاث مسرحيات .
ويعتمد العرض في أكثر أحواله على الكورس والبسطاء من العامة وليس على الممثلين الذين يقومون بالأدوار الرئيسية .
وجد المسرح الإغريقي ضالته في الملاحم والأساطير، وكان "أفلاطون" يعتبر "هوميروس" المعلم الأصلي لمجموعة الشعراء التراجيديين وإستعار منه "إسخيليوس" و"سوفوكليس" و "يوربيدس" العديد من الموضوعات وكانت موادهم درامية .
وذلك بفضل "الرابيسود" الشعراء الذين يتغنون بمقاطع من (الإلياذة والأوديسا) "لهوميروس".
وجه "أرسطو" النظر إلى :
- وحدة الحدث لأنه لاحظ عدم رضا الجمهور عن التراجيديات الخالية من وحدة الحدث .
إستحوذ الرعب على المتفرجين عندما شاهدوا عرضاً يجسد أحداث قديمة تعود إلى الوراء بعشر سنوات معتقدين أن ما يحدث أمامهم حقيقة واقعة وذلك أثناء عرض مسرحية "إحتلال مدينة جيل" للشاعر "فرينشوز" وهو سابق "لإسخيلوس". ولذلك تم رفض الشعور بالوهم ، وكذلك ففى مسرحيات "ربات الإحسان المنعمات" "لإسخيلوس" إستولى الرعب على الجمهور حين رأى ملاحقة آلهة الإنتقام إلى "أوراستوس" معتقدين إن ذلك واقع وليس خيال لذلك منع تقديم الأحداث المعاصرة .
هذا ملخص لرؤيتي عن بدايات الدراما الإغريقية في القرن الخامس قبل الميلاد و سأقدم لكم اصدقائى الأن "الجوقة" "الكورس"
الجوقة "الكورس"
كانت الدولة تكلف أحد الممولين برعاية الجوقة وكان لكل جوقة ممول يتحمل كافة المصروفات حيث يتحمل تكاليف وأجور تدريب الكورس وعلى الممول توفير أعضاء الكورس له.
وفي الجوقة الدرامية كان في إمكان كل مواطن حر أن يشارك فيها وعلى كل فرد من أفراد الجوقة إطاعة أوامر الممول الذي كان يمثل سلطة الدولة ، وكان على الممول خلال شهور التدريب الإلتزام بكفالة الجوقة ومدرب الرقص والعازفين وقد قام "أرسطوفانيس" بنفسه بتدريب الكورس وكان يتم إسناد مهمة تعليم الكورس إلى معلم محترف ولأن أعضاء الكورس كانوا مواطنين هواة فكانت البروفات تبدأ مبكراً .
في المسرح الإغريقي كان يقوم بكل الأدوار ممثل واحد هو الشاعر نفسه ، وكان يلجأ إلى خيمة قريبة ليغير ملابسه وقناعه بما يتفق مع سمات الشخصية الأخرى بينما أفراد الجوقة يستمرون في الرقص والإنشاد ثم يعود إليهم ليناقش معهم ما قالته الشخصية السابقة أو يعارضها أو يرثي لها وهكذا حتى تنتهي المسرحية .
وأصبح من الممكن أن يقوم الممثل الأول بدور البطل أو الإله وتقوم الجوقة بدور الرعايا أوالجنود أو يكونوا عبيداً أو أتباع وأصبح من الممكن وجود حوار بين الممثل والكورس مع إحتفاظ الكورس بدوره الأصلي كراوي للقصة وكان هذا الحوار بين الممثل والجوقة هو المظهر المميز للدراما الإغريقية .
الكورس في مسرحية الضارعات لإسخيلوس
كان الكورس في مسرحية الضارعات لإسخيلوس هم 50 فرد وهم الخمسون فتاة اللاتي هربن من مصر للإحتماء بملك "أرجوس" من زواج أبناء أعمامهم.
وكان دور الكورس يشكل أكثر من نصف سطور مسرحية (الضارعات) حيث أن الكورس كانوا "الضارعات" .
ولأن الكورس "الجوقة" هم من يقومون بالدور الأساسي ، فالمسرحية ليس بها سوى مشهدين بدون الكورس مشهد للرسول (بيلاسجيوس) ومشهد مواجهة (بيلاسجيوس) مع (دناؤوس) .
الضارعات يرجح المؤرخون أنها أولى مسرحيات "إسخيليوس" وهى أبسطها تكاد تكون مجموعة أغانى في التوسل والإستعطاف والثناء على الكرم والمروءة التي تقوم بها الجوقة المؤلفة من الأخوات الخمسين وتستمد عنوانها من الضراعة.
وملخص المسرحية أن بنات (دناؤوس) يهربن من مصر مع أبيهن حتى لا يتزوجن من أبناء عمهن الخمسين وعند وصولهن إلى مدينة (أرجوس) يستقبلن ملكها (بيلاسجيوس) بترحاب.
وقد طلبن حماية الملك لهن ولكن الملك يقع في حيرة فهو لا يستطيع رفض طلبهن بالحماية حتى لا يغضب الألهة ولا يستطيع قبول حمايتهن حتى لا يدخل في حرب ضخمة . وقد لجئن إلى (زيوس) كبير الألهة وقد حوّل الملك الأمر إلى الجمعية الشعبية والتي وافقت على ضيافتهن فى الوقت التى ترسو فيه سفينة مصرية في الميناء ويذهب رسول المصريين إلى الملك يطلب منه تسليم الفتيات ويخبره بقوة جيش مصر ويهدده و يتوعده إن لم يسلم الفتيات والملك بدوره يخبره أيضاً أن عنده جيش قوي . وتتردد أصوات الجوقة بالدعاء إلى الألهة أن تنصر الملك وتحفظ المدينة وتنتهي المسرحية بزواج الفتيات من أبناء عمومتهن وقد أعطى والدهن لكل واحدة منهن سكينة لتقتل زوجها وفعلاً فعلن ذلك عدا واحدة هى "أيبرمنستر" والتي أحبت زوجها "لانس" الذي إنتقم وقتل "دناؤوس".
كان دور الممثل في المسرحيات المبكرة ثانوياً وظلت الجوقة هى الشخصية الرئيسية ، و في هذه المسرحية ، فالمسرحية تتألف من بنات "دناؤوس" الخمسين .
فالعرض يبدأ بدخول الجوقة مباشرةً دون مقدمة كما أن الأغاني الكورالية تمثل ما يزيد عن نصف هذه المسرحية بالإضافة إلى دور الجوقة في المشاهد التمثيلية والمشاهد الحوارية .
وفي المسرحية ثلاث أنواع من الجوقات :
-     الجوقة الرئيسية التي تتألف من بنات "دناؤوس" .
-     الجوقة الثانية جوقة المصريين .
-     الجوقة الثالثة جوقة الوصيفات .
فالجوقة تلعب في هذه المسرحية الدور الرئيسي ويمكن أن نعتبر أن الجوقة هى المسرحية .
أتمنى أن نكون قد إتفقنا على معنى "الدراما" و أتمنى أن أكون قد قمت بتوصيل معلومات مبسطة عن الدراما الأغريقية و هى أصل الأعمال الفنية و المسرحية فيما بعد .
تحياتى و صباحكم سكر .






+20123128543

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق